فتبقى كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ).
«ومنهم» : من الكافرين ، دون المؤمنين إذ وصفوا بأوصاف تخصهم دون المنافقين؟
(مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) دون أن يستمعوا قولك ك (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) (٣٩ : ١٨) وإنما «إليك» بعيدين عنك وعن وحي الرسالة رغم انهم عندك ، ف «إلى» هنا توحي بالبعد ، وانهم صم في استماعهم : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ) (١٠ : ٤٢) فهم صاغون كحيوان ، صما عن صوغ الإنسان! فإذا استمعوا إليك ليس إلا هزء أو تجسسا!
(حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ) بعد ما استمعوا إليك (قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) باستماعهم ووعيهم قولك (ما ذا قالَ آنِفاً)؟ : قبل حين ، كأنهم لم يسمعوه رغم انهم استمعوا إليه ، وإنما لم يفقهوه ، ل (إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ) (٢٦ : ٢١٢) وهم يسألون الذين أوتوا العلم (ماذا قال آنفا)؟ تعريضا اننا ما نفقه ما يقول لأنه فارغ عن أي معنى معقول ، كأضرابهم : (قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ) (١١ : ٩١) أو تحريضا للعالمين تعنتا : لو يحمل معنى فعلمونا! والرسول لم يسطع أن يسمعهم! : (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ) أو توهينا لمقال الرسول : لو كان مقالا عاليا لحفظناه إذا استمعنا اليه ، لكننا نسيناه بعد حين لأنه كلام مهين ، وما حجتهم في قولتهم الخواء الا استكبارهم عن الحق والله منهم براء.
(أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) طبع الله ان تركهم في طغيانهم يعمهون