الرسالة ، فالاشتغال بخلق الله ، ولا سيما من يحادون الله ، انه انشغال عن الخلوة بالله ، وان كان ذلك بأمر من الله ، فليستغفر الله عن هذا الذنب الطاعة ثانية ، كما يستغفر عن ذنب الرسالة ، ولقد صح عن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم قوله : «انه ليغان على قلبي واني لاستغفر الله كل يوم مائة مرة» (١) ، فهل انه عن مائة عصيانا ، ولا يبتلى به افسق الفساق فكيف بأول العابدين؟!.
فلا يغين على قلبه ما يرين عليه من عصيان ، بل هو مما يضيق على صدره من خلطه الرسالي بحماقى الطغيان ، فيستغفر الله ان يزيل عن قلبه المنير اثر الإغانة فيخلو بربه كما كان.
هذا ، ثم وتزيد أمته عليه ذنبا هو اللمم او العصيان ، فاستغفاره للمؤمنين يشمله كما يشمل ذنبي الرسالة ، فاستغفاره له ولهم في هذا المثلث يتحد في رفع وازالة التبعات بعد حصول الذنب أيا كان ، ثم هنا رابع هو الدفع ولمّا يحصل ، ان يذود الله عنه وعن المؤمنين وصمات الذنب العصيان ، عصمة له وتأييدا لهم ألا يذنبوا هكذا ، وكما نجده كثيرا في آيات الاستغفار عن الذنوب (٢).
(وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ).
(وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا) وهم المؤمنون غير المنافقين ، حيث النفاق يباين الايمان ، مهما كان للايمان درجات قد يتسرب الى بعضها الشرك الخفي : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) (١٢ : ١٠٦) ، ف (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) هنا هم من المؤمنين ، إذ لا مجال للمنافقين ان يدخلوا في زمرة المؤمنين ، ولا
__________________
(١) أخرجه في الدر المنثور عن جماعة عن الأغر المزني قال قال رسول الله (ص).
(٢) تفصيل البحث عن مراحل ومصاديق الذنب تجده في سورة الفتح إنشاء الله تعالى.