فيا لله عطفا بهؤلاء الحماقى الجهال ان يطالبهم بدليل على ما يدعون ، وإن كان أثرة كما قد يزعمون ، وأنى لهم ان يأتوا به إلا أهواء وظنونا عليها يعكفون!
ترى وما هو موقف «من» في «من علم»؟ علها جنسية تعني كون الأثارة من جنس العلم : عاليا كالأثرة ، أو نازلا كما تحمل علامة منه ، او نشوية تعني كون الأثارة البقية صادرة عن مصدر العلم ، اثارة كائنة من علم ، صادرة عن علم ، وعلهما هنا معنيان وما أجمل جمعهما وأكمله! وما أحسن الأثارة التي هي علم وتحمل علامة العلم ، دليلا ثانيا بعد الكتاب؟! فالظن غير المسنود الى علم ، الذي لا يحمل علامة العلم ، إنه لا يغني من الحق شيئا (١).
ومن ثم أخيرا وبصيغة اخرى (أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) قد تعني فيما تعني شيئا يستخرج من العلم بالكشف والبحث والطلب والفحص فتثور حقيقته ، وتظهر خبيئته ، كما تستثار الأرض بالمحافر فيخرج نباتها وتظهر نثائلها ، او كما يستثار القنص من مجاثمه ويستطلع من مكامنه.
ثم إذ لا شرك لها في الخلق ، فلا شرك إذا في التقدير والتدبير ولا العبادة ـ وأحرى ـ! فأنى تصرفون :!
(وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ. وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ).
اللهم إنه لا أضل منهم ، فالمدعو في مثلث الخيبة لهم منذ الدنيا ليوم الدين ، اثنان يوم الدنيا : (مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ) وواحد يوم الدين يحمل استجابة عليهم واستجاشة لشعورهم بأشد تأنيب : (وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ).
__________________
(١) راجع سورة النجم ، تفسير الآية (وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً).