وترى كيف تنسب الغفلة الى الأصنام يوم الدنيا وهي من حالات ذوي الشعور ، واكثر منها عداءها وكفرها بعبادتهم؟ يوم الدين!.
أقول : هذه مما تلمح بشعور غير ذوي الشعور ـ عندنا ـ يوم الدنيا ، كآيات اخرى في مغزاها ، كما وتصرح كأنها تصبح من ذوي العقول يوم الاخرى ، فإذا كانت غافلة في الاولى من عبادتها ، فهي تعاديهم بعبادتهم لها وتكفر بها في الاخرى : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ) (٢٥ : ١٤) (تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ) (٢٨ : ٦٣) وانما أهواءهم كانوا يعبدون. (فَكَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ) (١٠ : ٢٩).
وكما ترجع إليهم ضمائر العقلاء : (مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ .. هُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ .. كانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ)!
فيوم الدين تحدّ الأبصار أكثر مما كانت يوم الدنيا وكما الناس مع سواهم على سواء : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ).
وطبعا هذه الغفلة ليست من المعبودين ذوي العقول ، فان الصالحين منهم كالملائكة والنبيين عارفون ومعارضون ما عاشوا ، والطالحين منهم كالطواغيت هم داعون الى أنفسهم : (لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ) (٢٦ : ٢٩) فما هم إذا عن دعاءهم غافلين ، وانما غير ذوي العقول هي الغافلة عن عبادتها ، ثم هي وإياهم يتشاركون في عداوتهم ونكران شركهم وحتى الشيطان : (وَقالَ الشَّيْطانُ .. إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) (١٤ : ٢٢)!.
وترى ان كفر المعبودين بشركهم يعني انهم ما عبدوهم؟ وقد عبدوا وعقلاءهم عارفون! كما الشيطان يكفر بما اشركوه من قبل؟ او أن ذلك النكران من غير العقلاء : (فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ)