قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً) (١٢) وهم المخلفون من الأعراب ، وكل ظن بالله غير الحق هو ظن السوء وإن كان دركات (يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ ..) (٣ : ١٥٤).
وفي الحق إن قلب المؤمن وسواه متقابلان في الظن بالله ، حسب درجات الإيمان ودركات اللاإيمان ، فالقلب المؤمن دوما يتوقع الخير من الله ، لأنه موصل النياط ومربوط النيّات بالله ، وفيض الخير لا ينقطع من قبل الله ، والقلب المقلوب غير المؤمن مقطوع الصلة بالله ، يتوقع الشر منه إليه وإلى المؤمنين أيضا ، دونما ثقة بالله إذ لا نياط له ولا نيّات تربطه بالله ، ف (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) :
دائرة سوء على المنافقين والمشركين كما هنا وأخرى تخص المنافقين (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٩ : ٩٨).
وهذا إخبار إنذار من الله وليس دعاء رغم ما يزعم ، فمن هو المدعو لله في دعائه لو دعى؟ وليست الدعاء إلا فقرا وقصورا عما يرام ، فتدعو من يحقق المرام ، وليس الله عاجزا عن تحقيق ما يرام ، ولا إله فوقه حتى يدعوه ، أو معه حتى يشاركه فيما يدعوه ، كلا! وإنما هو إخبار أن السوء ـ كل سوء ـ يدور حولهم ما عاشوا وبعد موتهم ، لزام (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) الذي يظنونه من الله وعلى المؤمنين ، وإنما عليهم بما قدمت أيديهم وان الله ليس بظلام للعبيد.
ومن ثم (غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) لحد لا ترجى رحمته إذ (وَلَعَنَهُمْ) : أبعدهم عنه فلا يرجى قربه حتى يعفو عنهم ، وأخيرا (وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً).
ثم إن السوء قد يكون في زاوية من زوايا الحياة هنا وفي الاخرى ، وقد يعيش الحياة وتعيشه متعرقا مندغما في أهله كدائرة مائرة تدور حولهم بما رسموها ، كما الخطيئة المتكررة كذلك تحيط بالخاطئ وتدور : (بَلى مَنْ كَسَبَ