غيض لهم شيطانا فهو لهم قرين ، ولكنهم إذ لا يفقهون (فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا) وترى ان حسد المؤمنين في اتباع المنافقين مما يحيل اتباعهم ويحول دون إرادتهم (أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ)؟ والكافر يستميت في محاولات تكذيب الله وتبديل كلام الله ، فانما هي قولة فارغة فاشلة ممن يحاولون تحقيق المحال ولا يستطيعون.
فلما ذا لم يخرجوا مع المؤمنين ولا مرة ، وحتى لاخذ الغنائم؟ إنها لآية بينة معجزة تتوفر في إنباءات القرآن ، لكي توقظ الرسول والمؤمنين بمكائد المنافقين ، وتزدادهم ايمانا أنها وحي السماء الصادق الأمين «بل» ليس كما يقولون : (ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ) ولا كما يزعمون «تحسدوننا» ـ (بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً) : فقه قليل للحق يجعلهم مكلفين ، ثم لا يفقهون كثيرا في أفكارهم وأقوالهم الهابطة الخابطة العمياء : فما هي الرباط بين أن تحسدني وأن أترك ما أقدر عليه وأحاوله؟ احسدا كأمر باطني يحيل فعلا يحتال له ويحاوله محسودك بكل طاقاته فلا يستطيع (بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً)!.
إن كلام الله من قبل (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ ..) وقد تحقق ، ووعده من قبل : (وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ ..) انه آية رحمة للمؤمنين وعذاب للمنافقين : ـ (وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) (٢٠) وكيف يمكن ان تبطل الآية المعجزة بمحاولات منافقة ممن لا يفقهون؟!.
وإنها كانت فتح خيبر بعد أقل من شهرين من صلح الحديبية ، وافرة الغنائم ، وحصون خيبر هي آخر حصون بقيت لليهود في الجزيرة كأقواها وأغناها ، وكان قد لجأ إليها بعض بني النضير وبني قريظة ممن اجلوا عن الجزيرة من ذي قبل.
وقد فتحت واغتنمت فعلا للمؤمنين دون مشاركة للمنافقين ، ومن ثم فتح مكة وهي كانت أغنى وأقوى من كل فتح يأتي أو مضى ، وكذلك كان فيه