في تاريخ الايمان لحد تحقق رضوان الله عن هؤلاء الأوفياء السعداء :
(لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) وليتها بقيت كذكرى لهذه البيعة المجيدة ولم يقطعها الخليفة عمر (١) اللهم إلا مخافة أن تعبد من دون الله او يتوسل بها الى الله ، ولكنها لا تحتم قطع شجرة الرضوان ، وإنما منع المتوسلين بها او العابدين لها لو كانوا ، وإلا فلتهدم الكعبة ـ والعياذ بالله ـ إذ يعاملها هؤلاء كأنها الله!.
نعم يجب استئصال الأصنام والأوثان من الوجود لكي لا يبقى أثر منها يعبد ولكنما الأشياء المقدسة بما قدسها الله تبقى كما هي ، وينهى عن التوسل أو الاستشفاع بها الى الله.
(فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ) من حمية لهداهم دون هواهم ، ومن صدق في بيعتهم وكظم لاستفزازاتهم وضبط لمشاعرهم لكي يستسلموا لحكم الرسول.
(فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ) سكينة الايمان ليزدادوا ايمانا مع ايمانهم.
وترى ان الله علم ما في قلوبهم بعد ما بايعوا كما يفيده معنى الفعل «علم» وتؤكده فاء التفريغ ، والله عليم بما في القلوب منذ خلقها وقبله؟
الحق ان «علم» هذه من العلم : العلامة ، لا العلم : المعرفة بعد الجهل وسبحانه ، كما في أضرابه طيات آياته.
فقد تعني «علم» هنا انه تعالى جعل المبايعة الحقيقية علامة للأوفياء تميزهم عن الناكثين ، ميزة لهم عندهم وعند من سواهم ، ف «عند تقلب الأحوال يعرف جواهر الرجال».
(وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) أصله فتح مكة وفي سبيله وعلى هامشه فتح خيبر ، وقد يشملهما الفتح القريب لانسلاكهما في سلك واحد ، وهما نتاج فتح الصلح
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ٧٣ ـ اخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن نافع (رض) قال : بلغ عمر بن الخطاب (رض) ان ناسا يأتون الشجرة التي بويع تحتها فأمر بها فقطعت.