في الحديبية ، كما و (مَغانِمَ كَثِيرَةً) المعطوفة على (فَتْحاً قَرِيباً) تؤيد هذا الجمع :
(وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) هذه المغانم الكثيرة تباعا للفتح القريب ، منها معجلة بعد الحديبية ومنها مؤجلة إلى فتح مكة :
(وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً ، وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً)
فهذه المعجلة هي مغانم خيبر ، واخرى لم تقدروا عليها ، منها مغانم مكة ، وهاتين هما تلو فتح قريب ، فليكن فتح خيبر ومكة معا.
ان مغانم خيبر قسمت على من حضر الحديبية وان كان غائبا عن خيبر (١) ، كما وعدهم الله (٢) ومنعت عن المخلفين من الاعراب رغم ما طلبوا حضورها ، فانها كانت من اثابات الحديبية.
ان اثابات الحديبية للمؤمنين الأوفياء نفسية ومادية هي ايضا ذريعة لها : من السكينة النازلة عليهم يومها فزادتهم ايمانا على ايمانهم ، ومن فتح قريب في خيبر ومكة استوثقت به الجزيرة اسلاميا ، ومغانم فيهما كثيرة في خيبر واكثر في مكة ، واخرى تتبعها من فتوحات وغنائم ما داموا مؤمنين مسلمين لا مستسلمين.
وقد ينسلك فتح الصلح في الحديبية في (مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ) فانه مغنم نفسي ، وتقوية في نفوس المؤمنين ان استعدوا لفتح خيبر ومكة ومغانمهما ، الا ان (تَأْخُذُونَها) قد لا تناسب الصلح ، وانما (كَفَّ أَيْدِيَ
__________________
(١). الدر المنثور ٦ ـ ٧٤ ـ اخرج عبد الرزاق وابو داود في مراسيله عن الزهري قال : بلغنا ان رسول الله (ص) لم يقسم لغائب في مقسم لم يشهده الا يوم خيبر ، قسم لغيب أهل الحديبية من اجل ان الله كان اعطى اهل خيبر المسلمين من اهل الحديبية فقال : (وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ) وكانت لأهل الحديبية من شهد منهم ومن غاب.