لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) (١٣ : ٤١).
فمن التقديم بين يدي الله تقديم لحكم على حكم الله ، في عقيدة أم قول أم فعل ، سواء أكان نقضا لحكم الله بعد ما حكم فهو تشريع ، ام سبقا لحكم الله قبل أن يحكم وان وافقه بعد ما حكم ، فإنه فسوق وخروج عن التسليم لله.
و (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) ليس ليختص التقديم الممنوع بالقول لأنه فقط المسموع دون العقيدة والفعل فانه ثني ب «عليم» فيشمل غير القول مما يعلم من فعل أم عقيدة أم ماذا.
ومن ثم التقديم بين يدي رسول الله هو كالتقديم بين يدي الله ، ولا فارق بينهما إلا أصالة في الله ورسالة في رسول الله دون أي استقلال عن الله و (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) (٤ : ٨٠) وإلا أن لرسول الله أمام الجسم كما له أمام الرسالة ، ف «لا تقدموا بين يدي رسوله» تعم تقديمك نفسك أم سواك على رسول الله في مشيته أو قيامه أم جلوسه وقعوده ، فكما ان روحه برسالته تتقدم على سائر الأرواح ، كذلك جسمه الذي يحمل تلكم الروح القدسية ، لا يقدم عليه أي جسم ولا أي روح ، فجسمه صلّى الله عليه وآله وسلّم أشرف من سائر الأرواح فضلا عن روحه!
والنهي عن التقديم هنا وهناك يعني وجوب التأخير ، والتسليم لله ولرسوله ، دون مساوات أو مسامات مع الله أو الرسول في حكمه أم سواه ، وانها داخلة في (وَاتَّقُوا اللهَ) حيث التقوى تتنافى والمساوات كما تنافي التقديم (وَاتَّقُوا اللهَ) في ألوهيته وفي رسوله أن تفسقوا عن مثلث العقيدة والقول والعمل في حكم الله (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ) ما تقولون «عليم» ما تنوون وتعتقدون وتعملون.
ولماذا «لا تقدموا» دون «لا تتقدموا»؟ لأن التقدم يخص المخاطب نفسه دون سواه ، والتقديم يعمه وسواه ، فكما يحرم التقدم على الله ورسوله في حكم