القارعة ان خشي بعضهم أن يكون من أهل النار كثابت بن الشماس (١) وكان من طبعه رفيع الصوت دون أن يرفعه عمدا ، لا هتكا ولا إساءة ولا جهلا ، فلم تشمله الآية ، فانها تنهى عن ذلك علما أو جهلا باختيار ، لا جهرا دون اختيار.
كما ندم آخرون مما جهروا جهرا كعادة متبقية جاهلية حوّلها الإسلام إلى أدب طاهر ، مثل الخليفة أبي بكر والخليفة عمر فلما رفعا أصواتهما فوق صوت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم نزلت الآية فتابا واختجلا (٢).
وترى أن الجهر بالقول ، لا للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو حي ، وإنما لغيره وفي مسجده ، أم الجهر في قراءة القرآن أو الدعاء عند قبره ، هل إن ذلك محظور (٣) ،
__________________
(١) روى الامام احمد بسند عن انس بن مالك قال : لما نزلت هذه الآية ـ وكان ثابت بن قيس بن شماس رفيع الصوت ـ فقال : أنا الذي كنت ارفع صوتي على رسول الله (ص) انا من اهل النار ، حبط عملي وجلس في اهله حزينا ففقده رسول الله (ص) فانطلق بعض القوم اليه فقالوا له تفقدك رسول الله (ص) مالك؟ قال : انا الذي ارفع صوتي فوق صوت النبي (ص) واجهر له بالقول ، حبط عملي ، انا من اهل النار ، فأتوا النبي (ص) فأخبروه بما قال فقال النبي (ص) لا ـ بل من اهل الجنة ـ قال انس : فكنا نراه يمشي بين أظهرنا ونحن نعلم انه من اهل الجنة.
(٢) في صحيح البخاري حدثنا يسرة بن صفوان بن جميل اللخمي حدثنا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة قال : كاد الخيّران ان يهلكا : ـ أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ـ ، رفعا أصواتهما عند النبي (ص) حين قدم عليه ركب بني تميم (في السنة التاسعة من الهجرة) فأشار أحدهما بالاقرع بن حابس (رض) أخي بني مجاشع (أي ليؤمر عليهم) وأشار الآخر برجل آخر ـ قال نافع : لا احفظ اسمه (في رواية اخرى ان اسمه القعقاع بن معبد) فقال ابو بكر لعمر ـ رضي الله عنهما ـ ما أردت إلا خلافي ، قال : ما أردت خلافك ـ فارتفعت أصواتهما في ذلك فأنزل الله تعالى الآية ، قال ابن الزبير فما كان عمر (رض) يسمع رسول الله (ص) بعده هذه الآية حتى يستفهمه. وروي عن أبي بكر (رض) انه لما نزلت هذه الآية قلت يا رسول الله (ص) والله لا أكلمك الا كأخي السرار (يعني كالهمس).
(٣) يروى عن الخليفة عمر (رض) انه سمع صوت رجلين في مسجد النبي (ص) قد ارتفعت ـ