ـ إذا ـ درجات الإلحاق هذا بما تقربه عيونهم ، دون ان يألتهم وينقصهم من اعمالهم من شيء ، فكما زاد في ثوابهم ان رفعهم درجات فوق اعمالهم ، كذلك يزيد لهم ان يقر عيونهم بالحاق ذرياتهم المؤمنين بهم ، وهذا لا يتنافى والجزاء العدل ، فانه طرف من تكريم الآباء.
ومن وجهة اخرى ان الذريات التي أقرت عيون الآباء ، أن اتبعتهم بإيمان ، كذلك تقر عيونهم بهذا الإلحاق ، فضلا من الله وإحسانا ، دون فوضى لا في العدل ولا في الفضل ، فانه نتيجة عمل ثنائي : منهم إذ بيضوا باتباعهم الآباء عيونهم وبآبائهم إذ انهم من عملهم ولادة وتربية ، وأن ذلك مما يشاؤنه والجنة : (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ).
صحيح ان الذرية ما عملوا كما عمل الآباء ، إلا ان في لحوقهم جزاء على عمل الآباء ، فلا ظلم على الآباء في ذلك بل هو فضل ، ولا فوضى في الفضل على الذرية إذ ليس إلا مغبة تقرير عيون الآباء ، طالما الفوضى وخلاف العدل في إلحاق غير الذرية الى هؤلاء في درجاتهم او بعضها ، فإنهم لا يستحقونها ولا فضلا ، وهذه التسوية خلاف العدل إذ لا تقرير لعيون المسوى بهم.
لذلك ـ وفي توسع من معنى الذرية او حكمها ـ بامكاننا أن نتخطى الأولاد والأهلين الى كل التابعين لرعاتهم بإيمان ، ما كان في إلحاقهم بهم تقرير لأعينهم ، وإن كانوا آباءهم التابعين لهم بإيمان وأمثالهم من الأقارب غير الأولاد وكما يروى عن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم (١) ام وغير الأقارب كما في كل مأموم لإمامه ، هذا ، وكما يتضمنهم دعاء الملائكة للمؤمنين الأصول : (رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٤٠ : ٨).
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ١١٩ وقد سبق قوله (ص) هنا : إذا دخل الرجل الجنة سأل عن أبويه وذريته وولده فيقال : انهم لم يبلغوا درجتك وعملك ، فيقول يا رب قد عملت لي ولهم فيؤمر بالحاقهم به وقرء الاية.