كهذه أو عقلية كسواها ، أم ماذا (١).
فيا لآية السلم ـ وبعد تطور العلم ـ من دلالة واضحة : ان القرآن ليس إلا من وحي الرحمان ، إذ لم يخطر بخلد أحد ، قبل اربعة عشر قرنا ، ان من السلاليم ما يسمع فيه ويسمع به ، كما ان منها ما يرقى به الى السطوح.
... فإذ ليس عندهم خزائن الله ، فهم بحاجة الى استماع الوحي ، فهل لهم سلم يستذيعوا به ويسمعوا فيه الوحي؟ (فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) فان سلطان الوحي مبين ، يظهر انه من الله ، فهل عندهم هكذا وحي كوحي القرآن؟ الذي يملك كل سلطان على أنه من عند الله!.
ومن ثم يناقش البعض من تقوالاتهم التافهة على الله ، إذ يفضلون عليه أنفسهم فيما يفترون :
(أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) فرغم انهم كانوا يعتبرون البنات ادنى من البنين ، بل ولا اعتبار لهن عندهم في شيء فهم ينسبون الى الملائكة إنهم إناث : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) (٤٣ : ١٩) ثم جعلوهم بنات الله : (أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً) (١٧ : ٤٠) في حين لهم بنون وبنات : (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) (١٦ : ٥٧) فهذه اهانة فوق اهانة : ان لله ولدا ـ أيا كان ـ وانه يصفي عباده بالبنين ، ويصطفي لنفسه بنات ، كما وان آخرين (خَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ) (٦ : ١٠٠) وان الجن هم البنون (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً) (٣٧ : ١٥٨) مهما كان هذا أهون من ذاك ، واقل مهانة.
__________________
(١) انني اذكر أول لقاء برئيس الاشراف الديني بالمسجد الحرام وزير القضاء سماحة الشيخ عبد الله بن حميد بمكة المكرمة انه سألني عن شغلي ، فقلت له انا مشتغل بالقرآن ، قال : تعني تفسيره؟ قلت : نعم ـ قال وعندك جديد من ملاحم غيبه ـ قلت وكله جديد ، وما اذكر هل هو قرء آية السلم ام أنا ، ففسرتها كما في المتن ، فطلب مني تكراره واعجب به قائلا : والله لهى اشرف وأفضل جلسة أجلسها طول حياتي العلمية مستفيدا ، أشكرك يا سماحة الشيخ ، فقدم لي عددا كثيرا من مختلف الكتب.