(وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ)
فمثلهم كمثل عاد لما رأوا ريح العذاب : (فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ) (٤٦ : ٢٤).
فان يروا هؤلاء كسفا : قطعة ـ من السماء ساقطا عليهم يقولوا سحاب مركوم : متراكم بعضه على بعض ، ملء من الماء يمطرنا ويسقينا ، فهؤلاء لا دواء لدائهم العضال إلا أن تذرهم يخوضوا ويلعبوا :
(فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ)
فإذا انقطع عنهم كل الآمال ، فاتركهم في غيهم يعمهون ، وقد أديت ما عليك ، (فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا) يوم الصعقة في قيامة التدمير وقيامة التعمير ، وبعد ذلك ما دامت النار ، فانه كل يوم الصعقة : الهدة الكبيرة ، مهما اختلفت دركاتها ، فعند الموت وهو القيامة الصغرى تكون الصعقة الصغرى ، وفي القيامتين الصعقة الوسطى والكبرى.
(يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) فكما لم يغن عنهم كيدهم يوم الدنيا ، فكذلك يوم الدين ، ثم لا نصير لهم ولا عاذر ، فالكافرون لا مولى لهم ولا نصير.
(وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ)
يعمم العذاب للظالمين أجمع ، ولكنه دون ذلك العذاب الشديد ، لأشداء الكافرين ، وهذا العذاب يعم ما في الدنيا تنبيها وتطهيرا ، وما في البرزخ جزاء مؤقتا أو حتميا ، وما تبقى ففي النار على مختلف دركاتها حسب دركات المظالم ، ثم يخرج منها قبل انخمادها الظالمون دون ذلك ، ويبقى رؤوس الكفر والضلالة ما بقيت النار وبئس القرار (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ) الظالمين «لا يعلمون» انهم كذلك يعذبون كالكافرين.