وأخيرا يؤمر الرسول بالصبر ويكرم بضمان أعظم تكريم ، بما ليس له مثيل.
(وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ. وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ)
«واصبر» عن جدالهم وقتالهم (لِحُكْمِ رَبِّكَ) بقتالهم ، وحكمه بعذابهم بعد موتهم.
(فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا). الرقابات الخاصة الإلهية كلها ، فإن كان موسى يصنع على عين الله : (وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي) (٢٠ : ٣٩) وان كان نوح يصنع سفينة النجاة بأعين الله ووحيه : (أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا) (٢٢ : ٢٧) فأنت أنت يا محمد كلك بأعين الله ، لا صنعك فحسب ، ولا بعين واحدة فحسب ، وانما أنت ككل : منذ الولادة حتى الممات كمحمد ، ومنذ ابتعاثك حتى القيامة كرسول ، أنت بأعيننا ، لا على عيني كموسى! ب «أعين» كافة الرقابات الإلهية «نا» على ضوء كافة الأسماء والصفات الإلهية ـ ف «أعيننا» توحي بجمعية الرقابات والصفات الإلهية للرسول الأقدس محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم لا سواه ، مما يدل على مدى الرحمات الخاصة الإلهية لمحمد صلّى الله عليه وآله وسلّم تلكم العنايات التي لم تتوفر هكذا لأى من القديسين ، من الملائكة والناس أجمعين! .. فيا له من تعبير عبير ، ويا له من تصوير فيه كل تقدير ، لهذا الرسول البشير النذير ، مما يمسح عن قلبه غبار المعرقلين الكافرين ، فيستحم هو في بحر من النور ، ويأخذه يمّ من السرور!.
ثم وليزيد في نورانيته وانقطاعه إلى ربه ، يأمره فما فرض عليه كنبي خاصة :
(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ. وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ) تسبيح بالحمد ، أن ينزه الله في حمده لله ، عما لا يناسب وساحة الربوبية ، و «حين تقوم» لا يحن إلى حين خاص ، فما دام قائما لله نهارا في الدعوة إلى الله : (إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً) ليسبح الله في سبحه الطويل نهارا في