ان النجم المنقض في دار علي (ع) (١) دليل على برائته عن مثلث الفرية : الضلالة والغواية والهواية ، في هامة الخلافة ، وكما ان نجم ذات الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم المقدسة ، الهاوي ليلة المعراج عن الأفق الا على بعد صعوده ، دليل على صدقه في الأنباء التي هوى بها إليهم بعد هويه ، كما وان نجم قرآنه المبين ، ومعه وبه نجم كيانه المتين ، شاهدا صدق على أنه ما ضل في رسالته وما غوى ، وما ينطق عن الهوى ، اضافة الى صحبته لكم أمينا عاقلا طوال سنين : (فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (١٠ : ١٦) : لقد صحبتكم سنين ، بعقل رزين ، وحكم رصين ، لحد سميتموني محمد الأمين ، ولم تأخذوا علي مأخذا من ضلالة او غواية او هواية ، ثم بعد إذ جئتكم بما يعجز عن مثله العالمون ، تقولون : إنه ضل وغوى ، وهو ينطق عن الهوى؟!.
إن الضلالة مقابل الهداية ، فيها دركات ، كما لهذه درجات ، وتلك في دركاتها كلها بعيدة عن الهدى ، دون سبيل لها إليها ، بجهل أو تجاهل.
والغواية مقابل الرشد ؛ قد تجتمع مع الهداية ، وهي غير الرشيدة منها ، فالغاوي قد يكون مهديا ولكنه غير رشيد ، إذ قد يجد سبيلا الى الحق ، إذا فالغاوي أخف ضلالا من الضال.
والهوى هنا هي الميل عن الحق ، فقد تكون ميلا بشهوة تميل بالإنسان الى خلاف الحق ، وهو الأكثر استعمالا : (فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا) (٤ : ١٣٥) وقد تكون ميلا بعقل غير معقول بالوحي ، فقد تخطأ وقد تصيب ، وهو الأقل استعمالا :
__________________
(١) القمي والكليني باسنادهما الى أبي جعفر (ع) (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) ما يتكلم بفضل اهل بيته بهواه وفي امالي الصدوق باسناده الى أبي عبد الله (ع) انه قال : «ان رضى الناس لا يملك وألسنتهم لا تضبط وكيف تسلمون مما لم يسلم منه أنبياء الله ورسله وحجج الله (ص) الم ينسبوه الى انه ينطق عن الهوى في ابن عمه علي (ع) حتى كذبهم الله عز وجل فقال : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى).