(وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ) (٢٨ : ٥٠) إذ توحي بان اتباعها بهدى من الله هدى خالصة.
فالهوى تعم هوى النفس وهوى العقل ، المنفيتين عن النبي في وحيه ـ ف : (ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) :
وانها أهم صيانة وأتمها للرسالة المحمدية ، انها بكاملها سماوية ، لا تأخذ من الأرض إلا بلاغها كذريعة : ف (ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) : هوى النفس ، فإنه غلب شيطانه منذ كان فطيما ، فكيف به إذ بعث نبيا ، وكما قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : «شيطاني اسلم بيدي» : و : «جزناها وهي خامدة» فلا تجد في أحواله وأقواله وأفعاله ، في حله وترحاله ، في قلبه وقالبه ، لا تجد ، ولا قيد شعرة من هوى النفس.
و «ما ينطق» كذلك عن هوى عقله ، متحللا عن وحيه ، طالما هو عقل العقول! فالعقل المتحلل عن الوحي قد يخطئ ، وهو جل عن أن يخطئ ، كيف وهو رسول ربه الأمين.
كذلك و «ما ينطق» عن هوى عقله المتصل بالوحي ، في قرآنه المبين ، فإنه وحي في وحي ، في ألفاظه ومعانيه : «ان هو» : نطقه (إِلَّا وَحْيٌ يُوحى).
هذا ـ وان كان ينطق في سنته بعقل الوحي ، وحيا في معانيها ، وعقلا متصلا بالوحي في نضد ألفاظها ، وهذا هو الفرق الفارق بين الكتاب والسنة القطعية ، إذ يشتركان في وحي المعنى : (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) ويختلفان في اللفظ : ان القرآن كذلك (وَحْيٌ يُوحى) : في لفظه ، كما هو (وَحْيٌ يُوحى) في معناه ، ولكن السنة في لفظها ـ فقط ـ ليست وحيا ، وانما عقلا من صاحب السنة الرسول الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ثم هي تشارك القرآن في وحي المعني مهما اختلفت درجاتهما.
ان الحصر في آية الوحي (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) ينفي عن النبي أن ينطق عن أية هوى ، لا هوى النفس فقط ، فان هوى العقل ايضا ليست وحيا يوحى ، فنطقه صلّى الله عليه وآله وسلّم