محصور في وحي يوحى : وحيا خالصا كما في القرآن ، او وحيا مزدوجا كما في السنة ، فان ألفاظها ليست إلا منه مهما كانت مقرونة مصونة بالوحي ، مسنودة الى الوحي ، فالرسول الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم كله ـ كرسول ـ وحي ، ولا أقول انه في مآربه البشرية غير الرسالية ، ايضا وحي ، وانما في شئونه الرسالية.
وفيما إذا سئلنا : كيف تعم نطقه سنته بعد قرآنه ، والحصر المستفاد من «إن ..» يحصر نطقه بوحي يوحى ، والسنة ليست وحيا إلا في معناها؟.
فالجواب : ان آية الوحي تحصر نطقه في وحي يوحى ، لا قرآنه فحسب ، وبما ان هامة الوحي هي المعنى ، فوحي السنة ايضا وحي يوحى ، وإن كان ـ فقط ـ في معناها ، وان كان القرآن أفضل منها وأعلى ، لأنه بلفظه ومعناه ـ وحي يوحى ، ليس من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فيه شيء ، وان من عقله المتصل بالوحي ، فطالما يكون نطق النبي ككل: (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) وان لم يكن في لفظ السنة وحيا ، ولكن قرآنه ـ بين نطقه ـ (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) ليس فيه إلا وحي ، جملة وتفصيلا ، معاني وجملا ، نضدا وترتيبا وفي كل شيء.
ترى وما هي النكتة في «يوحى» وفي (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ) كفاية لتأدية المعنى؟ أقول : علها لكي لا يزعم انه وحي ذاتي ، وحي الضمير الصافي ، وحي منه اليه ، وانما : وحي يوحى اليه من خارج الذات ، فوحي الضمير لا يوحى الى صاحب الضمير ، انما هو وحي يتكون فيه نتيجة صفاته.
ومن ثم فمن ميزات هذا الوحي ، ولا سيما في قرآنه المبين ، ان ليس معلمه إلا الله :
(عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى) علّمه الوحي أو علم الوحي إياه شديد القوى : ربه لا جبرئيل.
ترى إذ يراد التعريف بمتعلم الوحي الأخير وجاءه كلّ معارض نكير ، هل يؤتى باسم معلمه الأصيل وهو الله ، أم باسم الوسيط في وحيه جبرئيل؟ لو صحّ انه علّمه! وليس تعليمه هو موضع بحث بين مثبت ونكير! لا ريب أن