صلّى الله عليه وآله وسلّم صاحبنا ببعضه؟ أم بروحه وجسمه؟ أو أن «عبده» هو روحه فقط او جسمه؟ فلما ذا لم يقل : بروح عبده! او جسمه؟ وانما «بعبده» الشامل كليهما ، او ان البصر المنفي عنه الزيغ والطغيان في السدرة ، هو بصر الروح؟ وليس إلا بصيرة! او بصر الجسم بلا روح؟ وهو ميت لا يبصر! ام كيف راى ربه بنور اليقين عند السدرة التي عندها الجنة ، بجسم بلا روح ، او روح بلا جسم! وهي دوما في سدرة المعرفة وقد رأى هناك من آيات ربه الكبرى ببصره وهو في جسمه كما رآه هو ببصيرته وهي قلبه ، فانما المعراج بكلا الروح والجسم.
فما يروى عن عائشة : «ما فقدت جسد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولكن الله اسرى بروحه» (١) يعارض هذه الآيات من عدة جهات ، وانه صلّى الله عليه وآله وسلّم بنى بها بعد الهجرة بزمان ، وكان الإسراء بمكة قبل الهجرة بزمان من المسجد الحرام ، .. كلا لا ذا ولا ذاك ، وانما عرج النبي بكله ، وكما كان في الأرض ، أسري به من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى ، ثم عرج به من الأقصى الى أقصى السماوات والى سدرة المنتهى وما فوقها! لو لم تقصد من الأقصى نفسها (٢).
وعلى ما يروى لم يشغل المعراج ذهابا وإيابا ووقفة هناك إلا زهاء ثلث الليل ولنفرضه اربع ساعات ، فأين البليارات البليارات من السنين الضوئية لاجتياز قطر السماوات واين اربع ساعات ، فهل إن العلم يتحمل تصوره فضلا عن تصديقه؟!.
__________________
(١) الدر المنثور : أخرجه ابن إسحاق وابن جرير عن عائشة قالت : ..
(٢) بحار الأنوار ج ١٨ الطبعة الحديث ص ٣٣٩ من الاحتجاج للطبرسي عن علي (ع) قال : «لقد أسري برسول الله من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى في اقل من ثلث ليلة» أقول : لا يعني انه وقت المعراج الارضي فحسب ، وانما المدة التي شغلته حتى رجع الى مكة ، وقد يعنى من المسجد الأقصى ـ وهو أقصى المساجد وأبعدها الى المسجد الحرام ـ قد يعنى المسجد الذي هو في سدرة المنتهى ، فليس الذي في القدس هو الأقصى وانما مسجد الكوفة ، وان سمي أقصى فعلها لكونه مواجها للأقصى الذي في السدرة.