والتزكية البلاغية بالوحي قوليا وعمليا خاصة برسل الله : (يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ) (٢ : ١٥١) : وساطة في بلاغ الوحي دون أن تملك هداية المهتدين : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) (٢٨ : ٥٦).
وتزكية السعي في التزكي خاصة بالمكلفين ، وهي لا تكفي في الحصول على النتيجة إلّا بفضل من الله ورحمته تأييدا وتوفيقا : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٢٤ : ٢١).
فعلى المكلف السعي الكادح في تزكية نفسه متوكّلا على الله ، بدلالات رسل الله : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) (٩١ : ٩) (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى)(٨٧ : ١٤).
وليعرف أن تزكية التوفيق في الدنيا انما هي بيد الله ، كما وهي في تكفير السيئات دنيا وعقبى بيد الله : (وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ) (٢٤ : ٢١) ولا يزكي هنا وهناك إلّا من يتزكى هنا ، وأما من لا يتزكى فلا : (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٢ : ١٧٢) (وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ) (٣ : ٧٧).
فتزكياتنا العملية بتوفيق الله ودلالات رسل الله ، إنها واجبات محتومات ، والقولية منها تنزيها لأنفسنا قد تجوز فيما إذا كانت حقا ، وقد تجب إذا كانت في مقام دفع فرية أو تهمة ، أو إثبات عدالة أو فضيلة وجاه الناكرين أو الغاصبين حقوق العدل والفضل أو أية ضرورة (١) كما كان يفعله النبيون وسائر المعصومين
__________________
(١) في تفسير العياشي قال سفيان لابي عبد الله (ع) : ما يجوز ان يزكي المرء نفسه؟ قال : نعم إذا اضطر اليه اما سمعت قول يوسف ، اجعلني على خزائن الأرض اني حفيظ عليم ، وقول العبد الصالح : واني لكم ناصح أمين.