رسل الشيطان يوحي إليه ما يشاء «ام» إذ ليس عنده الغيب ، فهل (لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى) : فان دين الله في أصوله قديم ، موصولة أوائله بأواخره ، يصدق بعضه بعضا عبر الرسالات ، دون ان يفصل بعضه عن بعض فواصل الزمان والمكان ، ومنه كأصول الكتابات الوحي المفصل (صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى) فالإنجيل ليس إلا فرعا لهما ، إضافة الى تحرفه عن هذا الأصل كالكثير من الأصول ، وصحف نوح غير متواجدة ، ولو كانت فهي بدائية إجمالية دون تفاصيل ، ثم القرآن وهو الصحيفة الأصيلة المهيمنة على سائر صحف الوحي يكرر هذا الأصل مرات : (أَلَّا تَزِرُ) نفس (وازِرَةٌ وِزْرَ) نفس «أخرى» لا تخفيفا عنها تثقيلا لنفسها ، ولا لنفس أخرى ، ولا تخفيفا دون أي تثقيل (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ) كما ليس لسواه من الساعين (إِلَّا ما سَعى) لا أقل منه إلا ما أحبطه وأفسده ، لا ـ إلا قدره او زيادة بفضل الله ومنّه ، فليس له في شريعة الله دنيا ، وفي جزاءه عقبى (إِلَّا ما سَعى) فلا يحق استثمار مساعي الناس واستغلالها لمن لم يسع او لم يشارك الساعي ، اللهم إلا قدر سعيه فكريا او عمليا ام ماذا؟ وبقسطاس الحق والعدل.
ومهما يكن من ظلم وانتقاص في المساعي دنيا ، ففي الاخرى : (وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى) يراه الساعي وسواه في البرزخ والقيامة رؤية تناسبه ويناسبها ، لمسا او ذوقا او سماعا او إبصارا ام ماذا؟ وكما سعى! يراه ويجزاه كجزاء موقت في البرزخ «ثم» في القيامة الكبرى «يجزاه» : سعيه (الْجَزاءَ الْأَوْفى) فانه هو السعي الظاهر بحقيقته في الأخرى.
والأوفى هنا توحي بان السعي هنا في الصالحات ، فغيرها بين مكفرة ، او ناقصة عنها ، او قدرها وهو الوفي ، والأوفى تشير الى زيادة أقلها عشر أمثالها : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) فالأوفى في هكذا اطلاق يعنى أوفى من سعيه ومن كل جزاء يتصور كضابطة عامة في جزاء الحسنات ، بخلاف السيآت