كانت كامنة بما تملكها من ميزات؟ واين خصائص الذكورة او الأنوثة ، والوراثة ام ماذا؟!(١).
(وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى) :
النشأة الأخرى هي الإحياء مرة أخرى في الأخرى ، وكما أحيا في الأولى ..(ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) وهي النشأة الأولى ، فتلك النشأة كهذه ، ليست إلا عليه تعالى لا سواه ، فإليه الإياب وعليه الحساب ، وهو المالك يوم الدين لا سواه.
فتلكم النشأة عليه واقعا وفرضا ، واقعا لأنه الخالق المنشئ للمنشئات ، لا خالق سواه ، وفرضا بما وعد (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى) وبما فرض وكتب هو على نفسه من الرحمة عدلا وفضلا لا سواه : (كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ) (٦ : ١٢) (ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ) (٢٩ : ٢٠) كما وعليها من النشأة الأولى دليل على إمكانيتها وفرضها (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ) (٥٦ : ٦٢). تذكرا بواقعها ، لا علما بحقيقتها :(عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ) (٥٦ : ٦١) فان الإنشاء ولا سيما في الأخرى ، هو من ملكوت علم الله.
وترى إذا انحصرت النشأة ـ وهي مرة منها ـ في الآخرة والأولى ، فأين إذا النشأة الوسطى : الحياة البرزخية؟
أقول : إنها استمرارية للحياة الدنيا ، فليس الموت إلّا انفصال الروح ببدنها البرزخي عن هذا البدن ، دون أن تنشأ هناك روح او يخلق بدن ، ثم في الأخرى يخلق البدن مرة أخرى وتنشئ فيه الروح نفخا ، بعد أن أصبح البدن رفاتا ، وأصبحت الروح في القيامة الأولى في صعقة كالموت ، إلا من شاء الله :
(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) (٣٩ : ٦٨)
__________________
(١) راجع ص ٣٦٤ من الفرقان الجزء الثلاثين.