يبكي وحالة الضحك وحالة البكاء ، مهما كان للإنسان صنع فيهما ، فإنهما وإن كانا من سائر الأفعال الاختيارية ، لا ينقطعان عن ارادة الله ، الذي هو وإليه المنتهى ، وأما غير الاختياري منهما فالأمر فيهما واضح.
فالله أنشأ للإنسان دواعي الضحك والبكاء في تركيبات نفسية وعضوية ، وظروف خارجية او داخلية يضحك منها او يبكي ، فهما من أسرار التكوين البشري ، كالألوف من أضرابهما.
(وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا) : فإنه خلق الموت والحياة كسائر الخلق ، مهما كان للإنسان حيلة أو محاولة للموت ، فلن تكون للحياة! : (خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) وأنى للإنسان أن ينشئهما ، وهو حتى الآن حائر في حقيقتهما وبواعثهما وأسرارهما ، ترى بعد انه خالق لهما ولا يدري ما هما؟
ومن أين؟ وكيف؟ ومتى؟ ولماذا؟!.
(وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى. مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى)
عدم ذكر الخنثى التي لا هي ذكر ولا أنثى أو يجمعهما ، إنه يدلنا هنا في مقام استعراض الخلق ، أن الصنفين هما الحاضران لا ثالث لهما ، ولا برزخ بينهما ، وكما في سائر الآيات المستعرضة لهما ، وموقع الزوجين هنا وفي غيرها ، دون ازواج ثلاث ، يؤكد ذلك الحصر ، فالخنثى هي في الواقع إما ذكر أو أنثى وقد تظهر حقيقتها بعملية الجراحة.
ثم النطفة إذا تمنى : تقدر بالقدرة الإلهية ، ضمن تقدير المني :
(أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى) (٧٥ : ٣٧) فالمني هو التقدير ، وهو هنا تقدير المني في ذاته وصفاته وأفعاله وانفعالاته ، ومنها انبثاقه الى قعر الرحم ، ثم تقدير نطفة من المني لكي يبدأ منها الجنين دون زملائها ، فغير المقدّر من مني او نطفة لا يصبح جنينا ، ويا لهذه الخلية الميكروسكوبية السابحة هي وملايين أمثالها في نقطة واحدة من مني يمنى ، يا لها من أعجوبة في ملايين من عجائب التكوين ، أين