المشركين (١) لحكمة تثبت الخاتمية ، لا اتباعا لاهوائهم ، اللهم إلّا فيما تلتقي الحكمة الإلهية بتحقيق آية ، مع اقتراح الناكرين. إذا فتحقيق هذه الآية المقترحة لا يتنافى والآيات التي تنافيها : (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً) (١٧ : ٥٩) : «وقالوا (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً ... قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) (١٧ : ٩٣) ، فإنها لا تنفي إلّا الآيات المقترحة التي لا تنفع فلا تثبت شيئا ، دون شق القمر الذي هو آية ختم الرسالة ، وأنه نبي الساعة.
وكما لا يتنافى كفاية القرآن آية خالدة تفوق الآيات كلها في التدليل على حق الرسالة ، ولأنه الآية الواقعية العينية على أنها خاتمة الرسالات ـ لا أصلها فقط ـ تجاوبا مع الآيات القرآنية الدالة عليها : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) (٣٣ : ٤٠).
ذلك ، إضافة إلى آيات عينية اخرى كالمعراج وأضرابه ، كآيات عابرة صغرى ، تؤيده صلّى الله عليه وآله وسلّم في آيته الكبرى «القرآن» لمن غرب عقله وأصبح كالحيوان لا يصد إلّا المحسوس ، ولا ينحو إلّا منحى الملموس ، فقد جمعت له صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى آيته الخالدة الكبرى ، آيات تشابه آي النبيين ، مؤيدات لآيته ـ لا أصيلات ـ في التدليل على رسالته.
وأخيرا لا تلمح آية الإنشقاق بكونها مقترحة ، بل انها اصيلة مقصودة ، قد
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ١٣٣ ـ اخرج ابو نعيم في الحلية من طريق عطاء والضحاك عن ابن عباس في الآية قال : «اجتمع المشركون على عهد رسول الله (ص) منهم الوليد بن المغيرة وأبو جهل بن هشام والعاصي بن وائل والعاصي بن هشام والأسود بن عبد يغوث والأسود بن المطلب وزمعة بن الأسود والنضر بن الحارث فقالوا للنبي (ص) ان كنت صادقا فشق لنا القمر ...».