صيهراء شاها وسباه وعرق بها وهاشاطا وشامعا : «انتظر القمر وانشق وأطاع محمدا ثم التأم» وقد يعني الانتظار النظرة التكوينية له مطاوعة لإشارة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم بإذن الله.
ويا لانشقاق القمر من آية باهرة تختلف عن آيات النبيين أجمعين ، في صنوف معجزاتهم الحسية ، كما اختلفت معجزته المعنوية الخالدة : القرآن ، عن سائر كتابات الوحي ، وبينه وبينها بون السماء والأرض ، كما بين آية الإنشقاق السماوية عن آياتهم وكلها أرضية!.
(وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ) :
لقد جاء هؤلاء الناكرين من الأنباء : الأخبار ذات الفوائد العظيمة ، ما فيه مزدجر : الازدجار الاتعاظ ، او : محلّ الازدجار ، أنباء تحمل كل إنذار وتبشير ، أنباء التكوين والتشريع ، أنباء من مضى ويأتي ممن خالف شريعة الله او طبقها ، أنباء تلائم الفطرة والعقول فتصدقانها ، من الآخرة والأولى ، هذه التي فيها مزدجر ، لمن كان له عقل وبصر ، ففي بلاغ الأنباء ، وفي ترتيبها (حِكْمَةٌ بالِغَةٌ) : فإنها تبتدئ بالمبتدء وتنتهي الى المعاد ، كلّ حسب ما تتطلبه ظروف الدعوة ، وتتقبله العقول ، وكما هنا وفي كافة مجالات الدعوة.
فإنها كلها حكمة ، وكلها بالغة.
ورغم أن هذه الأنباء كلها (حِكْمَةٌ بالِغَةٌ) : تبلغ العقول والقلوب (فَما تُغْنِ النُّذُرُ) العقول المدخولة والقلوب المقلوبة ، فلا تنفتح لرؤية الآيات البينات ، فالادّكار والازدجار لزامه بلوغ الجانبين ، لكي يتولد منهما ، بلوغ الحكمة وهي حاصلة ، وبلوغ المبلّغ إليهم ، فرغم حصوله مبدئيا بما خلق الله ودبّر (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) إنهم ارتجعوا به الى أسفل سافلين ، إذا (فَما تُغْنِ النُّذُرُ) هؤلاء ، رغم كونها (حِكْمَةٌ بالِغَةٌ)(فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) (٦ : ١٤٩).