إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ). (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً) (١٧ : ٥٢) فهو الرحمان المستجاب بحمده ، المتّبع من غير عوج في دعوته ، الذي تخشع له الأصوات إذ يهطعون إليه : تصويبا لأعناقهم : (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) (١٤ : ٤٣).
وبما أن الدعوة هنا وهناك للكافرين ، فهي تجمع دعوة البعث ، المكروهة المنكورة لديهم : (يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) (فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) (٢٢ : ٤٤).
إلى دعوة الحساب فالعذاب النكر ، (فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً) (٦٥ : ١٨) (ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً) (١٨ : ٨٧) مثلث النكر لمن عاش حياته النكر ، نكر بنكر ، وأين نكر من نكر؟ نكر ظالم ممن أنكر الحق ، ونكر عادل عليه من الحق.
ثم النكر هو الأمر الصعب الدهاء الذي لا يعرف فينكر ، فالشيء النّكر الذي يدعوهم الله إليه ، هو الحياة الحساب العقاب ، التي عاشوا نكرانها حياتهم تكذيبا لها ، فهم في قيامة الإحياء ينكرونها نكرا وكرها لواقعها الذي لم يكونوا يتوقعونها ، ونكرا وجهلا بقدرها وكيفيتها ، إذا فهم مدعوون الى مثلثي النّكر من الآخرة والاولى.
(خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ. مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ)(١)
فهم يدعون الى شيء نكر فيضطرون للإجابة سراعا ، حالكونهم (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ) خشوع الذل : (خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا
__________________
(١) رغم ما فسر به وقيل : «فنقول عنهم» واذكروا إذ «يخرجون من الأجداث .. يوم يدع الداع» لكي تنذرهم به ... وهذا عجيب في نوعه!.