فأحقافهم من أشر الوديان (١) ثم لا نتأكد من بقاء أثر من عاد.
(وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) وترى ماذا يعني بين يديه ومن خلفه؟ هل هم الرسل الذين خلوا قبله (مِنْ خَلْفِهِ) وخلوا في إنذارهم زمنه (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) : إذ عاصروه؟ : (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ. إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ ..) (٤١ : ١٤) والرسل هنا هم النذر هناك.
فكما لا يعني (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) : هنا الرسل الذين أتوا من بعدهم ، إذ لم يأتوهم وإنما أتوا من بعدهم ، وإنما هم الذين كانوا في زمنهم ، ولا (مِنْ خَلْفِهِمْ) يعنيهم ، وإنما الذين أتوا قبلهم ، فإنذارهم من قبلهم من آباءهم إنذار لهم.
فكذلك الرسل من بين يدي هود ومن خلفه ، دون الذين أتوا من بعده ، إذ لا صلة لمن بعده به ولا بهم ولا حجة له ولا لهم ، وإنما الذين أنذروهم حاضرين ثم الذين أنذروا آباءهم ، فلينذروا برسلهم حاضرين ، أو غابرين حاذرين ، فهم أقرب إلى الهدى ممن لم ينذر آباءهم فهم غافلون ، كقومك اللّدّ : (لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ) (٣٦ : ٦).
ودعوة الرسالات الماضية والحاضرة ـ وكذا المستقبلة هي في صيغة واحدة : (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) دعوة واحدة إلى إله واحد دونما أي خلاف واختلاف ، دعوة مركزة واحدة ثم إنذار واحد : (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
__________________
(١) الدر المنثور ـ اخرج ابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه قال : خير واديين في الناس وادي مكة ووادية ارم بأرض الهند ، وشر واديين في الناس وادي الأحقاف وواد بحضر موت يدعى برهوت يلقى فيه أرواح الكفار وخير بئر في الناس زمزم وشر بئر في الناس برهوت وهي ذاك الوادي الذي بحضر موت.
أقول : «ارم» هنا لا يعني ارم ذات العماد ، وإلا كان مطروحا مكذوبا على الامام علي إذ لا يقول ما ينافي القرآن : فان ارم فيه هي بالأحقاف.