القدر المسلم قرآنيا ان الأحقاف هي أودية (١) الأراضى التي بنيت عليها ارم ذات العماد ، وإذا كانت باقية حتى الآن فقد تكون قلعة بعلبك ، العماد المنقطعة النظير في تاريخ الإنسان ، وقد يوحي ببقائها : (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ): السورة ـ أن دمرت الصرصر العاتية أشياعهم بأشيائهم إلا مساكنهم عبرة للمعتبرين ، إلا أن (لا يُرى إِلَّا) هنا ، لا تضمن بقاء الرؤية إلى زمن نزول القرآن ، فضلا عن الآن ، فقد تختص بوقت العذاب ، ولفترة بعد تدميرهم ، كما قد توحي له : (فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ) (٦٩ : ٨)؟ كلا! لا أشخاصا ولا آثارا ، الا دمارا ومخازي وآصارا! : (وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ. ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) (٥١ : ٤٢) ثم المساكن هي محال السكن : أعم من البيوت ، فقد تعني محال البيوت ، الأودية الأحقاف المبنية عليها ارم ذات العماد ، فلو كانت هي البيوت لذكرت كما في ثمود : (أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ. فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا ..) (٢٧ : ٥٢). ولكن البيوت قد يعبر عنها بالمساكن فقد تعني هي أيضا البيوت : (وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ ..) (٢٩ : ٣٨) فها هي مساكنهم مبينة زمن نزول القرآن ومرئية ، ولا تتميز مساكن المعذبين إلا ببقاء بقايا من بيوتهم الخاوية ، لا أرضا مستوية أو عوجاء! فعلها قلعة بعلبك أم ماذا! مبيّنة لحد الآن ومرئية ولا نجد مساكن لهم غيرها تناسب أن تكون ارم ذات العماد.
وبما أن الغرض هنا لا يتعلق بمكان الأحقاف ارم ذات العماد ، وإلا لصرح به ، فلنسكت عما سكت الله عنه ، إلا ما نعرف من أنهم ألأم حماقى الطغيان ،
__________________
(١). لقوله تعالى : «فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ» فلتكن الأحقاف هي الاودية التي بنيت عليها ارم ذات العماد.