صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى قربه ، وأن يحضروا محضر قرآنه المبين ليتبينوا ، وإذ ليس الوحي لأم موسى : (أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) ليس هذا وحيا رساليا يحمل رسالة إلهية يحملها المرسلون ، فبأحرى ألّا يكون صرف الجن وحيا رساليا وإن كانوا قبل الإسلام أنبياء مرسلين إلى قومهم ، حيث الوحي بحذافيره انقطع عن غير محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم منذ بزوغه له وحتى القيامة الكبرى ، اللهم إلا إلهامات تخص المؤمنين حسب الدرجات ومنهم رسل الجن ، إذ بعثهم الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى قومهم منذرين ، وقد كانوا يلمسون السماء لاستماع الوحي ومحادثات الملأ الأعلى ، قبل هذه الرسالة الأخيرة ثم منعوا : (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً. وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً) (٧٢ : ٩) (١).
ومن لطيف التعبير هنا وفي غيره (صَرَفْنا) ام ما يؤدي معناه ، دون (أوحينا) وإن كان كوحي الأرض او النحل او أم موسى أم ماذا ومن ذا؟ تأكيدا لختم الوحي بخاتم المرسلين ، فلا يؤتى حتى بلفظه ، الشامل للوحي الرسالي والإلهام ، ولكي يسد كل ثغرة من فكرة الوحي بعد الإسلام! فلا تجد صيغة الوحي لما ألهم إلى ايّ من الملهمين بعد الإسلام على جلالة أقدارهم ، رغم ما تجدها لما قبل الإسلام ، وحتى بالنسبة للنحل وللأرض! اللهم إلا وحي الشر من اهله إلى اهله (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ) (٦ : ١٢١) تأشيرا ان كل وحي يدّعى بعد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم فإنما هو من شيطان إلى شيطان وليس من الله في شيء!.
__________________
(١) التفصيل الى سورة الجن ج ٢٩ من الفرقان.
(الفرقان ـ م ٥)