بأس الله (أُولئِكَ) الحماقى البله عائشون حياتهم (فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ف (في) إيحاء لطيف لغرقهم بضلال ، مهما مشوا في دلال وكأنهم على هدى ، يحسبون المجيبين لداعي الله في ضلال!.
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
إن حماقى الطغيان قد يرون ترك الله لهم يوم الدنيا إعجازا في الأرض فعجزا له عن عذابهم ، ثم ولا يقدر أن يحيي الموتى للجزاء رغم وعده ، ولكنهم (أَوَلَمْ يَرَوْا) مع ما يرون من آثار قدرته وسلطانه (أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) كما هم معترفون : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) (٣١ : ٢٥) : ثم (وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ) ـ (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ) (٥٠ : ١٥) فالخلق الأول هو في الاولى ، والثاني هو الإعادة خلقا في الاخرى ـ والعي بالأمر هو العجز بسببه بعد وقوعه أو مصاحبا عجزا معرفيا أو في القدرة ، فالذي لم يعي بخلق السماوات والأرض ، فهل يعيى أن يحيي الموتى ، وقد أحياكم ولم تكونوا شيئا مذكورا!
أو لم يروا أنه (بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) وهو أهون عليه وأدنى : (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) (٤٠ : ٥٧) (بلى) إنهم رأوا وهم ناكرون (بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من هذا وذاك (قَدِيرٌ).
إن نفي العيّ بالخلق هنا تعريض بنكران المشركين : كيف وانه خالق الكون ، عاجز عن إحياء الموتى؟ وكذلك بما تسرّب في التورات من هذه الأساطير الواهية : أنه تعالى استراح في اليوم السابع من خلقه ، كأنه عيي بخلقه ولغب : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ) (٥٠ : ٣٨).