.. وإذ عرفتم موقفكم من الايمان ، وكيف أن الله يصلحكم ويهديكم دون الكافرين الذين لا مولى لهم :
(فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) في معركة الشرف والكرامة : حرب الدفاع ، والوقاية ، او إزالة العقبات عن سبيل الله ، وبعد الايعاظ إليهم ، والإحتجاج عليهم : ببالغ الحجة وواضح المهجة ، فلم يتعظوا ، واستمروا في غيهم وبغيهم ـ إذا : «ف» لا عليكم إلا «ضرب الرقاب» رقاب رقبات الشر ورغبات الكفر والإلحاد ، وإنما «الرقاب» وليس الرؤوس؟ لأنهم غربت عقولهم وجمدت أدمغتهم لحد كأنهم لا رؤوس لهم كإنسان مهما كبرت رؤوسهم في الطغيان : (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ) (٨ : ١٢) فعند لقاء هؤلاء الحماقى فاضربوا «ضرب الرقاب» لا فحسب ضرب الأطراف الأخرى التي تشل ولا تقتل ، وإنما حسما لمواد الفساد السامة للمجتمع لا عليكم إلا «ضرب الرقاب» ولحد الإثخان :
(حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ) والإثخان هو القتل الضريع الشديد الكثير الذي تتحطم به قوة العدو بحيث لم يبق له رمق الهجوم ولا الدفاع ولا الفرار ، فليس القصد إلا تهاوي قواهم الشريرة الضارية وكسر شوكتهم حتى لا يقوم لهم ساق ولا قائمة تقوم بالصد عن سبيل الله أو الهجوم على حرمات الله ، فمن ثم يأتي دور أسرهم بشد الوثاق ، فيمن تبقى : شدهم في أسرهم أمنا عن الانفلات ، وهيمنة على الأمن.
فلا وثاق للعدو الضاري ولا شدّ فيه حتى الإثخان إذ الغاية ليس هو الأسر ، ثم منّ او فداء ، وإنما هي إزالة القوة المعتدية عن ساحة الإسلام. ف (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٨ : ٦٨).