امتحانا بلوى دون امتهان ، فالدنيا هي دار امتحان ، وإلا ف :
(لَوْ يَشاءُ اللهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ) دون أن تتكلفوا القتال ، انتصار الانتقام أن يهلكهم كما أهلك ممن قبلهم بعذابات من فوقهم أو من تحت أرجلهم ، كآيات معجزات ، لا كقاعدة عامة في الإنتصار ـ لا! (وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ) : بلوى حسنة للذين آمنوا وإن كانت صعبة ، وبلوى سيئة للذين كفروا ، وليس الإنتصار دائما لكتلة الحق حربيا ، مهما هم منتصرون واقعيا (لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ) ثم وليس القتلى في سبيل الله هلكى ضالة أعمالهم : أن قاتلوا فقتلوا فضلوا تحت التراب ، أو ظلوا ـ لذلك ـ في تباب ، ولا سيما إذا غلب المسلمون ـ بل :
(وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ) : فلا ان الله يضل أعمالهم دنيا أو عقبى ، ولا ان القتل يضل أعمالهم ، رغم أن الكافرين (أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) حين ما عملوا وبعده ، ولكنهم أولاء (فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ) عاجلا ولا آجلا ـ بل :
(سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ. وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ) عمل واحد في سبيل الله ، تشملهم به مثلث بارع من رحمات الله : هداية وإصلاح بال ودخول الجنة! وهي كلها بعد الشهادة : (قُتِلُوا .. سَيَهْدِيهِمْ وَ ..) وكما هداهم وأصلح بالهم ووعدهم الجنة قبل الشهادة.
وعل هدايتهم بعد الموت ـ اضافة إلى هدى الجنة ومزيد المعرفة ـ هي هدايتهم إلى أن قتلهم لم يذهب هدرا ، وإنما وضاءة مشعة للايمان والمؤمنين ، ولكي يهتدوا بهدي الشهادة فيقدموا دعوة الإسلام ويصبغوها بدماء الشهادة تدليلا ان أرواحهم تزهق ولا يزهق الايمان ، يهديهم الله بعد قتلهم ، إن دماءهم نبعة فوارة تفور وتثور على الكافرين لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.