فلا يقتل الأسير (١) لكفره أو أسره ، ولا يعذب ولا يجاع أو يعطش ، ولا يلحق فارّ ، ولا يجهز على جريح ، ولا يعاقب صغير ولا كبير أو امرأة (٢) ، اللهم إلا إذا لزم الأمر ، وفي (سَبِيلِ اللهِ)! فنصّ المن والفداء يتضمن حكم أسرى الحرب بما هم أسرى ، وسائر النصوص تتضمن حالات أخرى وإن كانت تشمل الأسرى فلا تدافع بينها لمن تدبرها حق تدبرها!
وترى أن ضرب الأعناق ومن ثم شد الوثاق «فإما منا وإما فداء» ـ ترى إن ذلك حتى متى؟ ذلك : (حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها) فإذا وضعت فلا شد للوثاق ولا أي وثاق حتى يكون من أو فداء ، اللهم من لم يمنّ أو لم يفد من المشدودين قبل وضع الأوزار ، وإذ لا وثاق فلا ضرب للرقاب وأحرى!.
وأوزار الحرب هي أثقالها الأوضار ، من قتالها قل أو كثر ، ومن أي فعالها ومخلفاتها ، كأسر من جانب العدو فيقابل بشد الوثاق ، أم ماذا فيعتدى عليه بمثل ما اعتدى : فإذ لا عداء ولا اعتداء فلا وثاق.
(فَإِذا لَقِيتُمُ .. فَضَرْبَ الرِّقابِ .. فَشُدُّوا الْوَثاقَ .. حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها) كل أوزارها ، فإذا لا وزر فلا حرب ، وإنما صلح وصفاء ، فلما ذا ـ بعد ـ استيزار بشد الوثاق أم ماذا؟
«ذلك» : البعيد الغور في سياسة الحرب الاسلامية ، مما تتوجب عليكم
__________________
(١) المصدر ـ اخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن القاسم بن عبد الرحمن ، قال : بعث النبي (ص) سرية فطلبوا رجلا فصعد شجرة فأحرقوها بالنار فلما قدموا على النبي (ص) اخبروه بذلك فتغير وجه رسول الله (ص) وقال : «اني لم ابعث أعذب بعذاب الله ، انما بعثت بضرب الرقاب وشد الوثاق» وقد روى عن الحسن ان رسول الله (ص) هكذا صنع بأسرى بدر منا أو فداء.
(٢) الدر المنثور ٦ : ٤٧ ـ اخرج عبد الرزاق عن الضحاك بن مزاحم قال نهى النبي (ص) عن قتل النساء والولدان الا من عدا منهم بالسيف.