هذه المصيرة الضاربة في الأرض الى أكنافها ، فالسير في الأرض ، في سير الأقوام المؤمنة والكافرة ، وماذا فعل بهم وماذا بقي لهم من آثار ، ان في ذلك لعبرة لمن يخشى ، وتخفيفا لبأس البؤسى الذين لا يخشون الله فهم في طغيانهم يعمهون : (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ بَيْنَهُمْ) (٣ : ١٣٧) (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (٢٢ : ٤٦).
هذه الآيات وعشرات أمثالها : انها لفتات فيها ضجات وفرقعات ، مشاهد الأشلاء والدماء من كل دمار وبوار للمكذبين قبلهم ، وليأخذوا عنها عبرا في أمثالها : (وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها) كضابطة عامة للكفار في الطول التاريخي والعرض الجغرافي ، دون اختصاص بالغابرين ، فلمن يستقبل والحاضرين أمثال هذه العاقبة المدمرة ، كل على شاكلته وما ربك بظلام للعبيد!.
فالكافر ـ أيا كان ـ عاقبته التدمّر والتذمّر ، فليكن الغابر امثولة وعبرة للحاضر ، وقد كان بعضهم أشد منهم قوة وأكثر جمعا ، فما بال الأخف الأجوف لا يخشى أمثالها؟!.
ومن ثم قاعدة قائمة في الحياة للذين آمنوا والذين كفروا ، تكشف لنا اسباب الدمار لاولاء ، وأسباب القرار لهؤلاء في صيغة فريدة تتردد هنا وهناك : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ).
(بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا) في الحياة الدنيا وفي الآخرة : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) (٤٠ : ٥١)(وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) في الحياة الدنيا فضلا عن الآخرة.
ترى كيف (أَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) ولهم اولياء مهما كانوا شياطين ،