والكل واردون. والأخبار المروية دل على هذا القول ، وهو ما روي عن عبد الله بن رواحة (١) قال (٢) : أخبر الله تعالى عن الورود ولم يخبر بالصد (٣) ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم (٤) «يا ابن رواحة» (٥) اقرأ ما بعدها (ثُمَّ نُنَجِّي)(٦)(الَّذِينَ اتَّقَوْا)(٧) فدلّ على أنّ ابن رواحة فهم من الورود الدخول ، ولم ينكر عليه النبي صلىاللهعليهوسلم ذلك وعن جابر (٨) أنّه سئل عن هذه الآية ، فقال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «الورود الدخول ، ولا يبقى برّ ولا فاجر إلا دخلها ، فتكون على المؤمنين بردا وسلاما ، حتى إن للنار ضجيجا من بردها (٩)» (١٠).
وقيل : المراد (١١) من تقدم ذكره من الكفار ، فكنى عنهم أولا كناية الغيبة ثم خاطب خطاب المشافهة. قالوا : ولا يجوز أن يدخل النار مؤمن أبدا لقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها)(١٢) والمبعد (١٣) عنها لا يوصف بأنه واردها ، ولو وردوا (١٤) جهنم لسمعوا (١٥) حسيسها.
وقوله : (وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ)(١٦). والمراد في قوله (١٧) : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) الحضور والرؤية لا الدخول ، كقوله : (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ)(١٨) أراد به الحضور. وقال عكرمة : الآية في الكفار يدخلونها ولا يخرجون منها.
وقال ابن مسعود : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) يعني القيامة والكناية راجعة إليها (١٩).
__________________
(١) هو عبد الله بن رواحة بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي ، أخذ عنه أبو هريرة ، وابن عباس ، وأرسل عنه قيس بن أبي حازم ، وجماعة ، استشهد بمؤتة ـ رضي الله عنه ـ خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ٢ / ٥٥ ـ ٥٦.
(٢) قال : سقط من الأصل.
(٣) في الأصل : عن الصدور.
(٤) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٥) ما بين القوسين سقط من ب.
(٦) في ب : ينجي الله.
(٧) هو جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصارى السلمي ، أبو عبد الرحمن ، صحابيّ مشهور ، شهد العقبة ، وغزا تسع عشرة غزوة ، أخذ عنه بنوه ، وطاوس ، والشعبي ، وعطاء ، مات سنة (٧٨) ه بالمدينة. خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ١ / ١٥٦ ـ ١٥٧.
(٨) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٣ / ٣٢٩ ، وانظر الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف (١٠٧) والدر المنثور ٤ / ٢٨٠.
(٩) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢١ / ٢٤٤. بتصرف.
(١٠) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢١ / ٢٤٣.
(١١) [الأنبياء : ١٠١ ، ١٠٢].
(١٢) في ب : والبعيد.
(١٣) في ب : ورد.
(١٤) في ب : يسمعوا.
(١٥) [النمل : ٨٩].
(١٦) آخر ما نقله عن الفخر الرازي ٢١ / ٢٤٣.
(١٧) من هنا نقله ابن عادل عن البغوي ٥ / ٣٨٩.
(١٨) [القصص : ٢٣].
(١٩) آخر ما نقله عن البغوي ٥ / ٣٨٩.