وقال ابن جريج (١) : تسعمائة ، ثلاثمائة من الفرس ، وثلاثمائة من الروم ، وثلاثمائة من الإسكندرية. وقال وهب : خمسة عشر ألفا (٢). وقال السدي : بضعة وثلاثون ألفا.
وقال القاسم بن سلام : سبعون ألفا. وظاهر القرآن لا يدل على شيء من هذه الأقوال (٣). ثم إنه تعالى (٤) أزال (٥) ذلك الخوف بقوله : (لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى)(٦) أي الغالب : يعني : لك (٧) الغلبة والظفر ، وذلك (٨) يدل على أن خوفه كان لأمر يرجع (٩) إلى أنّ (١٠) أمره لا يظهر للقوم (١١) ، فآمنه الله تعالى بقوله : (إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى) ، وفيه أنواع من المبالغة : أحدها (١٢) : ذكر كلمة التأكيد وهي (إنّ). وثانيها (١٣) تكرير الضمير. وثالثها (١٤) : لام التعريف. ورابعها (١٥) : لفظ العلو ، وهو الغلبة الظاهرة(١٦).
قوله : (وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ) وهاهنا سؤال ، وهو أنه لم (١٧) لم يقل وألق عصاك؟
والجواب : جاز (١٨) أن يكون تصغيرا لهما ، أي : لا تبال بكثرة (١٩) حبالهم وعصيهم ، وألق العويد الفرد الصغير الجرم الذي بيمينك ، فإنّه بقدرة الله يتلقفها (٢٠) على وحدته وكثرتها ، وصغره وعظمها.
وجاز (٢١) أن يكون تعظيما لها أي لا تخيفك هذه (٢٢) الأجرام الكثيرة فإن في يمينك شيئا أعظم منها كلها ، وهذه (٢٣) على كثرتها أقل شيء عندها ، فألقه يتلقفها بإذن الله ويمحقها (٢٤). قوله : «تلقف» أي : تلقم وتبتلع «ما (٢٥) صنعوا» بسرعة.
قرأ العامة بفتح اللام وتشديد القاف وجزم الفاء (٢٦) على جواب الأمر (٢٧) ، وقد تقدم أن حفصا يقرأ «تلقف» بسكون اللام وتخفيف القاف (٢٨) ، وقرأ ابن ذكوان هنا
__________________
(١) ف ب : وقال ابن جريح وعكرمة.
(٢) في ب : عشرون ألفا.
(٣) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٨٣.
(٤) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٢ / ٨٤.
(٥) أزال : سقط من ب.
(٦) [طه : ٦٨].
(٧) في ب : أن. وهو تحريف.
(٨) في ب : وهذا.
(٩) في ب : راجع.
(١٠) أنّ : سقط من ب.
(١١) في ب : القوم. وهو تحريف.
(١٢) في ب : الأول.
(١٣) في ب : الثاني.
(١٤) في ب : الثالث.
(١٥) في ب : الرابع.
(١٦) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٢ / ٨٤.
(١٧) في الأصل : لو وسقط من ب : لم.
(١٨) في ب : جائز.
(١٩) في ب : لا تمال لكثرة. وهو تحريف.
(٢٠) في ب : يلتقفها. وهو تحريف.
(٢١) في ب : وجائز.
(٢٢) في الأصل : بهذه. وهو تحريف.
(٢٣) في ب : وهي.
(٢٤) انظر الكشاف ٢ / ٤٤٠ ، الفخر الرازي ٢٢ / ٨٤.
(٢٥) في ب : لما.
(٢٦) في ب : الفاعل. وهو تحريف.
(٢٧) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ٧٢ ، البيان ٢ / ١٤٨ ، البحر المحيط ٦ / ٢٦٠.
(٢٨) في سورة الأعراف عند قوله تعالى :«فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ» [الأعراف : ١٧] وذكر ابن عادل هناك : وقرأ حفص : «تلقف» بتخفيف القاف من لقف كعلم يعلم وركب ، يقال : لقفت الشيء ألقفه لقفا ـ