مِنْ عَدُوِّكُمْ) ، فإن فرعون كان ينزل بهم أنواع الظلم ، والإذلال ، والأعمال الشاقة. ثم ذكر المنفعة الدينية وهي قوله : (وَواعَدْناكُمْ (١) جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ) وذلك أنه أنزل عليهم في ذلك الوقت (٢) كتابا فيه بيان دينهم وشريعتهم ، أو لأنهم حصل لهم شرف بسبب ذلك (٣).
قال المفسرون (٤) : وليس للجبل يمين ولا يسار بل المراد أنّ طور سيناء عن (٥) يمين السالك من مصر (٦) إلى الشام (٧). ثم ثلّث بذكر (٨) المنفعة الدنيوية فقال : (وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) أمر إباحة.
ثم زجرهم عن العصيان فقال : (وَلا تَطْغَوْا فِيهِ)(٩) قال ابن عباس : لا يظلم بعضكم بعضا فيأخذه من صاحبه (١٠). وقال مقاتل والضحاك : لا تظلموا فيه أنفسكم بأن تجاوزوا حدّ الإباحة وقال الكلبي : لا تكفروا النعمة أي لا تستعينوا بنعمتي (١١) على مخالفتي ولا تعرضوا عن الشكر ، ولا تعدلوا عن الحلال إلى الحرام (١٦) والمراد بالطّيّبات هاهنا (١٢) اللذائذ ، لأن المن والسّلوى من لذائذ الأطعمة. وقال الكلبي ومقاتل : الطّيّبات الحلال ، وذلك لأن الله تعالى أنزله إليهم ، ولم يمسه يدي الآدميين (١٣). روي أنهم كانوا يصبحون (١٤) فيجدونه بين (١٥) بيوتهم فيأخذون منه (١٦) قدر حاجتهم في ذلك اليوم إلى الغد ، ومن ادخر لأكثر (١٧) من ذلك فسد ، ومن أخذ منه قليلا كفاه ، أو كثيرا لم يفضل عنه ، فيصنعون منه مثل الخبز وهو (١٨) في غاية البياض والحلاوة ، فإذا كان آخر النهار غشيهم طير السّلوى فيقنصون منها بلا كلفة ما يكفيهم لعشائهم ، وإذا كان الصيف ظلّل عليهم الغمام يقيهم حر الشمس. ثم قال : (فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي) أي يجب عليكم غضبي (١٩)(وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى) أي هلك وقيل : شقي. وقيل: وقع في الهاوية : هوى يهوي هويا إذا سقط (٢٠) من علو إلى سفل (٢١).
__________________
(١) في النسختين : «وعدناكم».
(٢) في النسختين القرب. وما أثبته هو الصواب.
(٣) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٩٥.
(٤) في ب : قال بعض المفسرين.
(٥) في ب : من. وهو تحريف.
(٦) في ب : من أرض مصر.
(٧) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٩٥ ـ ٩٦.
(٨) في الأصل : ذكر. وهو تحريف.
(٩) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٩٥.
(١٠) في الأصل : ذكر. وهو تحريف.
(١١) في الأصل : نعمتي.
(١٦) منه : سقط من ب.
(١٢) في ب : هنا.
(١٣) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٦٩.
(١٤) في ب : وروي أنهم كانوا يفتتحون.
(١٥) في ب : في بين. وهو تحريف.
(١٦) منه : سقط من ب.
(١٧) في ب : ومن ادخر منه أكثر.
(١٨) في ب : وهي. وهو تحريف.
(١٩) غضبي : سقط من ب.
(٢٠) في ب : إذا سقط به.
(٢١) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ٩٦ ، اللسان (هوى).