(قُلْ (١) كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ) «كلّ» مبتدأ ، و«متربّص» خبره ، أفرد حملا على لفظ «كلّ» (٢).
والمعنى : كلّ منّا ومنكم متربص منتظر عاقبة أمره ، وذلك أن (٣) المشركين قالوا : نتربص بمحمد حوادث الدهر فإذا مات (٤) تخلّصنا. قال الله تعالى (٥) : «فتربّصوا» فانتظروا «فستعلمون» إذا جاء أمر الله ، وقامت القيامة ، وظهر (٦) أمر الثواب والعقاب ، فإنه يتميز المحق من المبطل.
ويحتمل أن يكون المراد قبل الموت إما بسبب الجهاد وإما (٧) بسبب ظهور الدولة والقوة (٨).
قوله : (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ). يجوز في (٩) «من» (١٠) وجهان :
أظهرهما (١١) : أن تكون استفهامية مبتدأة (١٢) ، و«أصحاب» خبره ، والجملة في محل نصب سادّة مسدّ المفعولين (١٣).
والثاني : ويعزى للفراء : أن تكون موصولة بمعنى الذين ، و«أصحاب» خبر مبتدأ مضمر ، أي هم (١٤) أصحاب (١٥). وهذا على مقتضى مذهبهم ، يحذفون مثل هذا العائد وإن لم تطل الصلة (١٦). ثم (علم) يجوز أن تكون عرفانية فتكتفي بهذا
__________________
(١) قل : سقط من ب.
(٢) «كلّ» إذا قطعت عن الإضافة لفظا يجوز مراعاة اللفظ ، وهو الإفراد ، لأن لفظها مفرد ، نحو قوله تعالى : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) [الإسراء : ٨٤] وقوله تعالى : (فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ) [العنكبوت : ٤٠] ومراعاة المعنى ، لأنّ معناها جمع نحو قوله تعالى : (وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ) [الأنفال : ٥٤] قاله أبو حيان. انظر المغني ١ / ٢٠٠.
(٣) في ب : لأن.
(٤) في ب : فإذا جاء أي إذا مات.
(٥) تعالى : سقط من ب.
(٦) في ب : أظهر.
(٧) في ب : أو.
(٨) انظر الفخر الرازي ٢٢ / ١٣٨.
(٩) في ب : أن. وهو تحريف.
(١٠) في ب : من هذه.
(١١) في ب : أحدهما.
(١٢) في ب : خبرية مبتدأ. وهو تحريف.
(١٣) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ٨٠ ، البيان ٢ / ١٥٦ ، التبيان ٢ / ٩١٠ ، البحر المحيط ٦ / ٢٩٢.
(١٤) في ب : فهم.
(١٥) حيث قال في معاني القرآن : (وقوله : «فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ» الذين لم يضلّوا) ٢ / ١٩٧. وابن الأنباري وأبو البقاء لم يجوّزا هذا الوجه لأن فيه حذف العائد المرفوع في صلة غير (أي) ، وهذا لا يجوز عند البصرين إلا إن طالت الصلة. انظر البيان ٢ / ١٥٦ ، التبيان ٢ / ٩١٠.
(١٦) أي أن الكوفيين يجوّزون حذف العائد المرفوع في صلة الموصول وإن لم تستطل الصلة. يقيسون على ذلك قراءة يحيى بن يعمر «تماما على الذي أحسن» بالرفع [الأنعام : ١٥٤]. وقراءة مالك بن دينار وابن السماك «ما بعوضة» بالرفع [البقرة : ٢٦].
وقول الشاعر :
من يعن بالحمد لا ينطق بما سفه |
|
ولا يحد عن سبيل المجد والكرم |
وتبعهم ابن مالك إلا أنّه جعله قليلا فقال :
وإن لم يستطل فالحذف نزر
انظر شرح الأشموني ١ / ١٦٨ ـ ١٦٩.