الآية روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : يقال لصاحب القرآن : اقرء وارق ، ورتّل كما كنت ترتّل في الدّنيا ، فان منزلتك عند آخر آية تقرأها (١).
(إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً.)
هذه الآية اعتراض ، ويعني بالقول الثّقيل القرآن ، وما فيه من الأوامر والنواهي الّتي هي تكاليف شاقّة ثقيلة على المكلّفين ، خاصّة على رسول الله صلىاللهعليهوآله لانّه متحمّلها بنفسه ، ومحمّلها لأمّته ، فهي أثقل عليه وأبهظ له فيحتاج في ضبط ذلك وتأديته إلى قيام الليل.
وأراد بهذا الاعتراض أنّ ما كلّفه من قيام اللّيل من جملة التّكاليف الثقيلة الصّعبة الّتي ورد بها القرآن ، لانّ اللّيل وقت السّبات والرّاحة ، فلا بدّ لمن أحياه من مضادّة لطبعه ومجاهدة لنفسه ، وقيل نزوله أو تلقّيه.
عن ابن عبّاس : كان إذا نزل عليه الوحي ثقل عليه وتربّد له جلده ، وعن عائشة رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فينفصم عنه وانّ جبينه ليرفض عرقا (٢) وعن الحسن : ثقيل في الميزان ، وقيل ثقيل على المنافقين ، وقيل كلام له وزن ورجحان ، فيحتاج الى مزيد تدبّر وتأمّل ووقت لائق بذلك ، فلا بدّ من قيام الليل.
(إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً.)
ناشئة اللّيل : النفس النّاشئة باللّيل الّتي تنشأ من مضجعها إلى العبادة ، أي تنهض وترتفع ، من نشأت السحابة : إذا ارتفعت ، ونشأ من مكانه إذا نهض.
أو قيام اللّيل ، على أنّ الناشئة مصدر من نشأ إذا قام ونهض ، ويدلّ عليه ما صحّ عن أبي عبد الله عليهالسلام هي قيام الرّجل عن فراشه لا يريد به إلّا الله ، وما روي عن عبيد بن عمير قلت لعائشة : رجل قام من أوّل اللّيل أتقولين له قام ناشئة من اللّيل
__________________
(١) المجمع ج ٥ ص ٣٧٧.
(٢) الكشاف ج ٤ ص ٦٣٨.