أنّك إذا صلّيت الّتي فاتتك كنت من الأخرى في وقت فابدأ بالّتي فاتتك ، فان الله تعالى يقول (أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) إلا أنّ في الطريق القاسم بن عروة وهو غير مصرّح بالتّوثيق وكان الظّاهر في العبارة حينئذ لذكرها ، فإمّا على حذف المضاف أي لذكر صلاتي ، أو لأنّه إذا ذكر الصّلاة فقد ذكر الله ، أو لأنّ الذكر والنسيان من الله عزوجل في الحقيقة.
(أَكادُ أُخْفِيها) فلا أقول هي آتية لفرط إرادتي إخفاءها ، ولو لا ما في الإخبار بإتيانها مع تعمية وقتها من اللطف لما أخبرت به ، وعن أبي الدرداء (١) وسعيد بن جبير (أُخْفِيها) بالفتح من خفاه إذا أظهره أي قرب إظهارها كقوله (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) وقد جاء في بعض اللغات أخفاه بمعنى خفاه ، فأكاد أخفيها محتمل للمعنيين ، وقيل معناه أكاد أخفيها من نفسي وذكروا أنّه كذلك في مصحف أبيّ.
وفي بعض المصاحف «أكاد أخفيها فكيف أظهركم عليها» لكن لا دليل في الكلام على هذا المحذوف ومحذوف لا دليل عليه مطروح وما قيل (٢) : إنّه روي ذلك عن
__________________
ثم نقل عن الحبل المتين ان الحديث يدل على ترتيب مطلق الفائتة على الحاضرة كما يقوله أصحاب المضايقة.
وانظر البحث في مسألة المضايقة مسالك الافهام ج ١ ص ٢٤٧ الى ص ٢٤٩ مع تعاليقنا عليه وقد نقلنا فيه عن أستادنا العلامة مؤسس الحوزة العلمية بقم آية الله الحائري نور الله مضجعه الشريف بيانا جامعا مفيدا كاملا يحق ان يكتب بالنور على خدود الحور.
(١) نقله في روح المعاني ج ١٦ ص ١٥٧ عن ابى الدرداء وابن جبير والحسن ومجاهد وفيه ورويت عن ابن كثير وعاصم وكذا نقله ابن خالويه في شواذ القرآن ص ٨٧ عن سعيد بن جبير وابى الدرداء وفيه عن ابى وأخفيها من نفسي فكيف أظهركم عليها وفي روح المعاني ج ١٦ ص ١٧٦ وروى عن ابن عباس وجعفر الصادق رضي الله عنهما ان المعنى أكاد أخفيها من نفسي ويؤيده ان في مصحف ابى كذلك وروى ابن خالويه عند ذلك بزيادة فكيف أظهركم عليها وفي بعض القراءات بزيادة فكيف أظهرها لكم وفي مصحف عبد الله فكيف يعلمها مخلوق.
وهذا محمول على ما جرت به عادة العرب من ان أحدهم إذا أراد المبالغة في كتمان الشيء قال كدت أخفية من نفسي انتهى وانظر أيضا الكشاف ج ٣ ص ٥٦ والمجمع ج ٤ ص ٦ والدر المنثور ج ٤ ص ٢٩٤.
(٢) ولكن نقله في المجمع عن الصادق ج ٤ ص ٦ مرسلا.