المعنى لينظر في اختلافهما الناظر فيعلم أن لا بدّ لانتقالهما من حال إلى حال وتغيّرهما من ناقل ومغيّر ، ويستدلّ بذلك على عظم قدرته ويشكر الشاكر على النّعمة فيهما من السّكون باللّيل ، والتّصرف بالنّهار ، كما قال عزوجل (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) أو ليكونا وقتين للمتذكّرين والشّاكرين ، من فاته في أحدهما ورده من العبادة قام به في الآخر انتهى.
ويفهم منه أنّه يحتمل أن يفهم منها جواز قضاء ما فات في اللّيل بالنّهار وبالعكس على تقدير كون «خلفة» بمعنى ذوي تعاقب أيضا ، وهو كذلك بل هو الأظهر ، فإنّ الظّاهر جعلهما لانتفاع من أراد تذكرا أو شكورا بأيّ وجه كان ، غاية الأمر أن يقيّد بالانتفاع فيهما فيبقى أعمّ من أن يكون يجعلهما ظرفين لهما ووقتين فيحصل التّوسعة ، ويتمكّن من تدارك ما فاته في أحدهما وينتفع بفعله في الآخر ، أو بالنظر فيما يشتملانه من الآيات وغير ذلك ، فتأمّل.
فيمكن أن يستدلّ بظاهرها على جواز قضاء ما فات باللّيل في النّهار ، وبالعكس إلّا ما أخرجه دليل ، وقد روى التنبيه (١) بها عليه عن أبي عبد الله عليهالسلام في طرق لكنّها غير نقيّة والله أعلم.
[براءة : ٥] (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.)
استدلّ بهذه الآية على أنّ تارك الصّلاة مستحلّا مرتدّ يجب قتله ، لأنّه علّق المنع من قتلهم على أمور هي التّوبة ، وإقام الصّلاة ، وإيتاء الزّكوة ، فإنّهم إذا فعلوا ذلك تخلّى سبيلهم ، ولا شكّ أنّ تركهم للصّلاة كان على وجه الاستحلال لعدم تحقّق
__________________
(١) انظر المجمع ج ٤ ص ١٧٨ وجامع أحاديث الشيعة ج ٢ ص ٩٤ الرقم ٨١٢ عن التهذيب عن عنسبة العابد عن ابى عبد الله وهو في الوسائل الباب ٥٧ من أبواب المواقيت ج ٣ ص ١٩٩ المسلسل ٥١٤٥ ومثله مرسلا عن الصادق في الفقيه ج ١ ص ٣١٥ الرقم ١٣٢٨ وهو في جامع أحاديث الشيعة بالرقم ٨١٣ وفي الوسائل المسلسل ٥١٤٧.