بموجب ، وليس فيجوز على هذا لتارك الصلاة أمر الغير والتحريض عليها ، والنهي عمّا ينافيها ويوجب تركها بعد وجوبها.
وأما ما تقدّم من كون ترك البرّ منه حينئذ أقبح وروى من مزيد عقابه وتزايد عذابه ، فلعلّه لاستلزام ذلك كمال علمه بوجوبه ، ونهاية وضوح قبح الترك عنده ، ومزيد جرأته على الله ، وزيادة بعده عن الحياء منه تعالى ، وشدّة خبثه.
وربما دلّ ذلك على عدم وقوع الأمر به منه خالصا لله ، فيكون ذلك باطلا أيضا بل ربما كان على وجه المعصية فتأمل فيه. (١)
الثانية عشرة [البقرة : ٤٥] (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ.)
واستعينوا أي على حوائجكم إلى الله بالصبر والصلاة أي بالجمع بينهما ، بأن تصلّوا صابرين على تكاليف الصلاة متحمّلين لمشاقّها ، وما يجب من إخلاص القلب وحفظ النيّات ، ودفع الوساوس ومراعاة الآداب ، والاحتراس من المكاره مع الخشية والخشوع ، واستحضار العلم بأنه انتصاب بين يدي جبّار السموات والأرض ، ومنه قوله (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها) قاله الكشاف.
فاذا فعل ذلك تقضى الحوائج وقد وردت صلوات للحوائج فيمكن الحمل عليها ولا يخفى أنّ الصبر هو منع النفس عن محابّها وكفّها عن هواها ، وهو مفتاح كلّ خير ، فلا يبعد عدم القصر على مشاقّ الصلاة ، ويمكن أن يراد استعينوا على
__________________
(١) فقد روى عن الرضا (ع) في عيون الاخبار ما يشعر بتصديقه عدم قبول الأمر بالبر منه الا بعد فعله وبه يشعر عدم جواز أن يقيم الحد من عليه مثله ، فعليك بالاستقصاء في ذلك وسيأتي مزيد كلام فيه باب الأمر بالمعروف كذا في هامش الأصل.
أقول : وقد خص صاحب الوسائل الباب ١٠ من أبواب الأمر بالمعروف ج ١١ ص ٤١٨ بوجوب الإتيان بما يأمر به وكذا روى أحاديث تفيد ذلك في الباب ٣٨ من أبواب جهاد النفس ج ١١ ص ٢٣٤ وفي الأبواب الأخر أيضا ما يستفاد ذلك لا نطيل الكلام بسردها.