فيما دون الجهر من القول ، لأنّ الإخفات أدخل في الإخلاص وأقرب إلى حسن التفكّر.
(بِالْغُدُوِّ) جمع غدوة بالضمّ وهي البكرة أو ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس كالغداة ، قاله في القاموس.
(وَالْآصالِ) في المجمع أنّه جمع أصل وأصل جمع أصيل فهو جمع الجمع ، ومعناه العشيّات ، وهو ما بين العصر إلى غروب الشمس والذي في القاموس أنّهما جمعان لأصيل ، وهو العشيّ ، وهو آخر النهار كالعشيّة ، فيكون أمرا له عليهالسلام بالذكر في هذين الوقتين لفضلهما أو لأنهما حال فراغ عن طلب المعاش ، فيكون الذكر فيهما ألصق من القلب كما أكّد التعقيب فيهما بعد صلاتي الصبح والعصر في أخبار كثيرة ، وربما كان إشارة إليه ، ويمكن أن يكون أراد الدوام تعبيرا عن جميع الوقت بطرفيه كما قيل ، لكنه بعيد.
وقيل إنه أمر للإمام أن يرفع صوته في الصلاة بالقراءة مقدار ما يسمع من خلفه عن ابن عباس ، ويمكن ذلك على أن يكون الخطاب له عليهالسلام من حيث إنّه إمام لكن ذلك بأن يراد بدون الجهر من القول ما ذكره من رفع الصوت مقدار ما يسمع من خلفه لا أكثر ، وهو بعيد ، وكذا يلغو قوله الآصال إن أبقى (فِي نَفْسِكَ) على ظاهره.
ولو حمل على الإخفات الشّرعي مع كونه خلاف ظاهره ، احتيج إلى أن يراد بالغدوّ والآصال مجموعهما مع ما بينهما ، أو حمل الآصال على ما بعد الزوال إلى الغروب ، إن اكتفى بشمول الظهرين أو إلى نصف الليل مثلا إن أريد الإشارة إلى الصلوات الخمس ، وهو خلاف الظاهر كما تقدّم فتأمل.
وقيل : إنّ الآية متوجهة إلى من أمر بالاستماع للقرآن والإنصات ، وكانوا إذا سمعوا القرآن رفعوا أصواتهم بالدعاء عند ذكر الجنّة والنار ، عن ابن زيد ومجاهد وابن جريج ، فيكون إشارة إلى أنّ المستمع ينبغي أن يكون ذاكرا بقلبه متضرعا خائفا ، وبما دون الجهر من القول عند ذكر الجنّة والنار ونحوهما.