محمول على وجوب حقوق في مال الإنسان غير الزكاة مما له سبب وجوب كالإنفاق على من يجب نفقته ، ومن يجب سدّ رمقه لخوف تلفه ، وما يلزمه من النذور والكفّارات ، وقيل يدخل فيه أيضا ما يخرجه الإنسان على وجه التّطوّع والقربة إلى الله ، لأنّ ذلك كلّه من البرّ ، وفي الكشاف والقاضي : احتمال أن يكون حثا على نوافل الصدقات (١).
(وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا) كأنه يعم النذر واليمين أيضا بل ما بينهم وبين الخلق من العقود والوعود كما ذكروا قيل : رفعه على المدح خبرا لمبتدء محذوف أي وهم الموفون كما أنّ (وَالصَّابِرِينَ) منصوب على المدح (٢) أي أعنى بهم الصابرين.
وحينئذ فالواو للاستيناف ، فان العطف غير مناسب ، ويحتمل أن يكون والصابرين عطفا على محلّ (مَنْ آمَنَ) باعتبار كونه مضافا اليه ، فحمل على المعنى كالموفون على اللفظ ، أو الموفون على مجموع المضاف والمضاف إليه لاعتبار المضاف فيه إلّا أنه حذف وأعرب بإعرابه ، وكذا في الصابرين إلا أنه لم يعرب باعراب المضاف بل أبقى على إعرابه كما في (وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) على قراءة الجرّ بتقدير عرض الآخرة.
وفي الكشاف : الموفون عطف على من آمن واخرج الصابرين منصوبا على الاختصاص والمدح إظهارا لفضل الصبر المذكور ، على سائر الأعمال ، وقرئ والصابرون والموفين.
(وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ) الفقر والشدة (وَالضَّرَّاءِ) في البدن كالمرض والزمانة (وَحِينَ الْبَأْسِ) وقت القتال وجهاد العدوّ ، ومنه ما روي عن على عليهالسلام كنا إذا احمرّ
__________________
(١) الكشاف ج ١ ص ٢٢٠ والبيضاوي ج ١ ص ٢١٣ ط مصطفى محمد.
(٢) انظر في ذلك المجمع ج ١ ص ٢٦٢ ففيه في هذا البحث مطالب مفيدة وانظر أيضا الكشاف ج ١ ص ٢٢ والبيضاوي ج ١ ص ٢١٣ وروح المعاني ج ٢ ص ٤١ والبيان الأتم انما هو في المجمع ثم في حواشي الكازروني على البيضاوي في الطبعة المشار إليها أيضا مطالب مفيدة مضافا الى ما في شرح أعراب الكلمة يطول لنا الكلام بنقلها فراجع أصل الكتاب.