أما أولا فلان ذلك تعليل للإنفاق المفروض لهم طوعا أو كرها فالمعلول هنا أعمّ ، وأما ثانيا فلان ما بعده حصر للمانع في أمور منها كفر ومنها غير كفر فلا يبعد أن يكون غير الكفر أيضا مانعا كالكفر.
بل يقال لو لا أنّ غير الكفر مانع أيضا لم يصح استثناؤه كالكفر ، فإنه لا ريب في كون الكفر بنفسه مانعا وعلة لعدم القبول كما هو مقتضاه على تقدير كون الفسق عبارة عن الكفر ، فعلى التقديرين يلزم كون غير الكفر أيضا مانعا من القبول.
اللهم إلا أن يعطف لا يأتون على ما منعهم أو يجعل استينافا أو يكون المراد استثناء المجموع لأنه أقوى من الكفر وحده ، وإيراد غير الكفر معه على طريق التأييد والتقوية ، ولا ينافي ذلك كون الكفر كافيا في المنع وعلّة تامة في الجملة.
لكنه موضع تأمل إذ الظاهر أنّ عدم الإتيان بالصلاة إلا كسلانا وعدم الإنفاق إلا كارها مانعان حتّى صرح بعض من حمل الفسق على الكفر بفهم منع الكسل والكره عن ذلك فليتأمل.
وبالجملة فما قيل من ان المراد بالفسق هنا الكفر فيه نظر ، وكذا في تأييد ما بعده إيّاه ، وتفسير المجمع الفسق بالتّمرد عن طاعة الله وتفسير الكشاف بالتمرد والعتوّ ، إن أرادا ما يكون كفرا فتفسير بالأخص وإلّا فلا سند فيه لذلك ، بل للأعم هذا.
وفي الآية دلالة على أن الكفار مخاطبون بالفروع ، في المجمع لأنه سبحانه ذمّهم على ترك الصلاة والزكاة ولو لا وجوبهما عليهم لم يذمّوا على تركهما (١) وهذا يشعر منه بحمله الإنفاق على إيتاء الزكاة لكن يستقيم على الأعم الظاهر أيضا ، وذمّوا على الكسل والكره أيضا فإنّ الذمّ هنا على عدم الخلو من أحد الأمرين فهما قبيحان مذمومان كما لا يخفى.
ثمّ الظاهر أن الوقف إنفاق فيستفاد عدم قبوله من الكافر أو الفاسق لكن الظاهر
__________________
(١) المجمع ج ٣ ص ٣٨.