للاستحباب أو خبر مبتدأ محذوف في هذا السياق أى ما تنفقون أو صدقاتكم لهؤلاء أي على وجه الأولوية ، أو ينبغي ذلك للفقراء أو هو أولى لهم أو اجعلوا منه أو بعضه لهم فافهم.
قيل : هذا مردود على اللّام من قوله (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ).
قال علي بن عيسى (١) لا يجوز هذا لأنّ بدل الشيء عن غيره لا يكون إلّا والمعنى يشتمل عليه وليس كذلك ههنا ، لأنّ الإنفاق للنفس من حيث هو عائد عليها وللفقراء من حيث هو واصل إليهم وليسا من باب وأيضا فلا يجوز أن يكون العامل فيه (تُنْفِقُوا) للفصل الكثير بالأجنبيّ كما لا يخفى.
(الَّذِينَ أُحْصِرُوا) أى حبسوا أنفسهم كما قيل الإحصار باعتبار منع الشخص نفسه ، والحصر منع الغير (فِي سَبِيلِ اللهِ) الجهاد أو مطلق الطاعة والعبادة (لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ) ذهابا فيها للكسب للإقبال على الجهاد أو العبادة أو الّذين منعوا أرزاقهم وأموالهم في طاعة الله (لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ) لكسب المعاش : إما لخوف العدوّ من الكفّار وإمّا لفقر أو مرض أو اشتغال بواجبات الدّين وما هو أهمّ (يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ) بحالهم (أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ) من أجل تعفّفهم وامتناعهم عن السؤال (تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ) بعلامتهم من الضعف ورثاثة الحال أو التخشّع والخضوع الذي هو من شعار الصالحين والخطاب للنبيّ صلىاللهعليهوآله أو لكلّ من تأمّل في شأنهم.
__________________
(١) هذا هو الرماني ونقل ما افاده المصنف في التبيان ج ١ ص ٢٨٠ عن على بن عيسى الرماني وترى ترجمة الرجل ومصادر ترجمته في أنبأه الرواة ج ٢ ص ٢٩٤ الرقم ٤٧٦ والأعلام ج ٥ ص ١٣٤ قال في بغية الوعاة ج ٢ ص ١٨٠ الرقم ١٧٤٢ ط ١٣٨٤ على بن عيسى بن على بن عبد الله أبو الحسن الرماني وكان يعرف أيضا بالاخشيدى وبالوراق وهو بالرمانى أشهر كان إماما في العربية علامة في الأدب في طبقة الفارسي والسيرافي معتزليا ولد سنة ست وسبعين ومأتين وفيه مات في حادي عشر جمادى الأولى سنة أربع وثمانين وثلاثمائة وفي الإعلام كان له نحو مائة مصنف.