وتأييد لدلائل الأغسال المستحبّة ، واستحباب المبالغة في الاجتناب عن المحرمات والمكروهات ، والاجتناب عن محالّ الشبهات ، وكلّ ما فيه نوع خسّة ودناءة ، والحرص على الطاعات والحسنات ، فإنهنّ يذهبن السيئات ، فإنّ الطهارة إن كانت لها شرعا حقيقة فهي رافع الحدث ، أو المبيح للصلاة ، وهنا ليست مستعملة فيه اتّفاقا فلم يبق إلّا معناها اللغوي العرفيّ أي النزاهة والنظافة ، وهو يعمّ الكل ، كما لا يخفى.
ويؤيّد هذا العموم قوله تعالى (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) قال القاضي أي المتنزهين عن الفواحش والأقذار والإتيان في غير المأتي ، وحينئذ يكون لكلّ من الأقوال الباقية وجه.
قال في الكشاف (١) وقيل : هو عامّ في التطهّر من النجاسات كلّها ، وقيل كانوا لا ينامون اللّيل على الجنابة ، ويتبعون الماء على أثر البول ، وعن الحسن هو التطهر من الذنوب بالتوبة ، وقيل يحبّون أن يتطهّروا بالحمّى المكفّرة لذنوبهم ، فحمّوا عن آخرهم ، ومحبّتهم للتطهّر حرصهم عليه حرص المحبّ للشيء المشتهى له ، ومحبة الله إيّاهم أنّه يرضى عنهم ويحسن إليهم كما يقول المحبّ لمحبوبه هذا.
[وقيل : يفهم من الآية أن من فعل حسنا مع عدم أخذه بدليل شرعي كان ممدوحا مثابا حيث وقع هذا الثناء العظيم من الله سبحانه لهم ، مع عدم علمهم كما يفهم من شأن النزول ، وفيه منع ظاهر ، على أن كفاية الماء وحده والأحجار كذلك على بعض الوجوه كما هو المقرر ، كاف في افادة أولوية الجمع ، والماء عند العقل ، لظهوره أن المقصود هو النظافة كما لا يخفى].
الفرقان (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) قيل أى مطهّرا ؛ عنه (٢) عليهالسلام طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسل سبعا إحداهن بالتراب أى مطهره وعنه (٣) عليهالسلام
__________________
(١) الكشاف ج ٢ ص ٣١١.
(٢) الجامع الصغير بالرقم ٥٣٨٠ ج ٤ ص ٢٧٢ فيض القدير عن أبي هريرة وفي بعض الروايات أولاهن مكان إحديهن وفي الفيض وقيل طهور بالضم بمعنى الفعل والمشهور بفتح الطاء بمعنى المطهر.
(٣) مر مصادر الحديث ص ٣٢ من هذا الجلد.