ابن أبي حاتم.
وقال ابن جرير (١) : حدثنا ابن حميد ، أخبرنا سلمة عن ابن إسحاق قال : يزعمون أن عمرو بن عامر وهو عم القوم ، كان كاهنا فرأى في كهانته أن قومه سيمزقون ويباعد بين أسفارهم ، فقال لهم : إني قد علمت أنكم ستمزقون ، فمن كان منكم ذا هم بعيد وحمل شديد ، ومزاد جديد ، فليلحق بكأس أو كرود. قال : فكانت وادعة بن عمرو ، ومن كان منكم ذا هم مدن ، وأمر دعن ، فليلحق بأرض شن ، فكانت عوف بن عمرو ، وهم الذين يقال لهم بارق ، ومن كان منكم يريد عيشا آنيا ، وحرما آمنا فليلحق بالأرزين ، فكانت خزاعة ، ومن كان منكم يريد الراسيات في الوحل ، المطعمات في المحل ، فليلحق بيثرب ذات النخل ، فكانت الأوس والخزرج ، وهما هذان الحيان من الأنصار ومن كان منكم يريد خمرا وخميرا وذهبا وحريرا ، وملكا وتأميرا ، فليلحق بكوثى وبصرى ، فكانت غسان بنو جفنة ملوك الشام ومن كان منهم بالعراق. قال ابن إسحاق : وقد سمعت بعض أهل العلم يقول إنما قالت هذه المقالة طريفة امرأة عمرو بن عامر ، وكانت كاهنة فرأت في كهانتها ذلك ، فالله أعلم أي ذلك كان ، وقال سعيد عن قتادة عن الشعبي : أما غسان فلحقوا بالشام ، وأما الأنصار فلحقوا بيثرب ، وأما خزاعة فلحقوا بتهامة ، وأما الأزد فلحقوا بعمان فمزقهم الله كل ممزق. رواه ابن أبي حاتم وابن جرير ، ثم قال محمد بن إسحاق : حدثني أبو عبيدة قال : قال الأعشى أعشى بني قيس بن ثعلبة واسمه ميمون بن قيس [المتقارب]:
وفي ذاك للمؤتسي أسوة |
|
ومأرب قفى عليها العرم (٢) |
رخام بنته لهم حمير |
|
إذا جاء ماؤهم لم يرم |
فأروى الزروع وأعنابها |
|
على سعة ماؤهم إذا قسم |
فصاروا أيادي ما يقدرون |
|
منه على شرب طفل فطم |
وقوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) أي إن في هذا الذي حل بهؤلاء من النقمة والعذاب وتبديل النعمة وتحويل العافية عقوبة على ما ارتكبوه من الكفر والآثام ، لعبرة ودلالة لكل عبد صبار على المصائب شكور على النعم.
قال الإمام أحمد (٣) : حدثنا عبد الرحمن وعبد الرزاق المعني قالا : أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن العيزار بن حريث عن عمر بن سعد عن أبيه هو سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «عجبت من قضاء الله تعالى للمؤمن إن أصابه خير حمد ربه وشكر،
__________________
(١) تفسير الطبري ١٠ / ٣٦٩.
(٢) الأبيات في ديوان الأعشى ص ٩٣ ، وسيرة ابن هشام ١ / ١٤ ، والبيت الأول في معجم البلدان (مأرب) وبلا نسبة في لسان العرب (قفا) ، وتهذيب اللغة ٩ / ٣٢٧ ، والبيت الرابع في أساس البلاغة (فطم)
(٣) المسند ١ / ١٧٣.