أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين ، وأقلهم من يجوز ذلك» (١) وقد رواه الترمذي في كتاب الزهد أيضا عن إبراهيم بن سعيد الجوهري عن محمد بن ربيعة به ، ثم قال : هذا حديث حسن غريب من حديث أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وقد روي من غير وجه هذا نصه بحروفه في الموضعين ، والله أعلم.
وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا أبو موسى الأنصاري ، حدثنا ابن أبي فديك ، حدثني إبراهيم بن الفضل مولى بني مخزوم عن المقبري ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «معترك المنايا ما بين الستين إلى السبعين» وبه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أقل أمتي أبناء سبعين» إسناده ضعيف.
[حديث آخر] في معنى ذلك. قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده : حدثنا إبراهيم بن هانئ ، حدثنا إبراهيم بن مهدي عن عثمان بن مطر عن أبي مالك عن ربعي عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال : يا رسول الله أنبئنا بأعمار أمتك ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما بين الخمسين إلى الستين» قالوا : يا رسول الله فأبناء السبعين؟ قال صلىاللهعليهوسلم : «قل من يبلغها من أمتي ، رحم الله أبناء السبعين ، ورحم الله أبناء الثمانين» ثم قال البزار : لا يروى بهذا اللفظ إلا بهذا الإسناد ، وعثمان بن مطر من أهل البصرة ليس بقوي ، وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم عاش ثلاثا وستين سنة ، وقيل ستين ، وقيل خمسا وستين ، والمشهور الأول ، والله أعلم.
وقوله تعالى : (وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ) روي عن ابن عباس رضي الله عنهما وعكرمة وأبي جعفر الباقر رضي الله عنه وقتادة وسفيان بن عيينة أنهم قالوا : يعني الشيب وقال السدي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم : يعني به رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقرأ ابن زيد (هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى) [النجم : ٥٦] وهذا هو الصحيح عن قتادة فيما رواه شيبان عنه أنه قال : احتج عليهم بالعمر والرسل ، وهذا اختيار ابن جرير ، وهو الأظهر لقوله تعالى : (وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ) [الزخرف : ٧٧ ـ ٧٨] أي لقد بينا لكم الحق على ألسنة الرسل فأبيتم وخالفتم ، وقال تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) [الإسراء : ١٥] وقال تبارك وتعالى : (كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ) [الملك : ٨ ـ ٩]. وقوله تعالى : (فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) أي فذوقوا عذاب النار جزاء على مخالفتكم للأنبياء في مدة أعمالكم ، فما لكم اليوم ناصر ينقذكم مما أنتم فيه من العذاب والنكال والأغلال.
__________________
(١) راجع الحاشية السابقة.