وفرعون بالجنان ويورثهما إيّاها ، حيث إنّه لا مدخل للطّاعة والمعصية في استحقاق الثّواب والعقاب عندهم ، فيبطل جميع التكاليف ويلتجئ كلّ عاقل إلى الرّاحة من التكاليف ، ويفعل أنواع الملاذّ والمعاصي والملاهي المحرّمة ، وترك التكاليف الشاقّة ، إذ لا فرق بين ارتكاب المشاقّ وامتثال الأوامر بالطّاعات ، وبين ارتكاب أنواع الفسوق ، بل يجب أن يحكم بسفه الزّاهد العابد المنفق أمواله في أصناف الخير ، من بناء المساجد والرّبط والمدارس ، لأنّه يعجل لنفسه ارتكاب المشقّة ، ويخرج ما يحتاج إليه من الأموال لغرض لا يحصل بفعل ذلك ، بل يحصل به العذاب ، ويترك الرّاحة والملاذّ والملاهي ، مع أنّه قد يحصل به النّعيم المؤبّد ، وأيّ عاقل يرضى لنفسه مثل هذا المذهب المؤدّي إلى خراب العالم ، واختلال نظام النّوع الإنساني ، واضطراب الشّريعة المحمّديّة صلىاللهعليهوآله.
التّاسع :
إنّه يلزم منه الكفر ، وعدم الجزم بصدق الرّسول صلىاللهعليهوآله وانتفاء الوثوق بشيء من الشّرائع والأديان ، لأنّ الكفر والإضلال ، وجميع أنواع المعاصي وأنواع الفسوق ، ودعوى الكذّابين في النبوّة صادرة عنه تعالى وواقعة بإرادته ، فجاز أن يكون محمّد صلىاللهعليهوآله وغيره من الأنبياء المتقدّمين كموسى وعيسى وغيرهما عليهمالسلام قد ادّعوا النبوّة وهم كذّابون ، وإنّه تعالى خلق المعجز عقيب دعواهم لإضلال (١) الخلق ، لأنّ العصاة والفسّاق والكفّار في العالم أكثر من المطيعين ، لقوله تعالى : (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) (٢) (وَقَلِيلٌ ما هُمْ) (٣)
__________________
(١) في «ح» و «ش» و «آ» : لإضلالهم.
(٢) سورة سبأ (٣٤) : ١٣.
(٣) سورة ص (٣٨) : ٢٤.