بين النّفوس البشريّة في الاعتناء بالامور المعقولة والإدراكات المكمّلة للنّفس ، أو الاعتناء بالامور البدنيّة المشغلة لها (١) عن تلك الرتبة.
المقدّمة السابعة
في اختلاف النّفوس البشريّة في هاتين القوّتين
لمّا كانت النّفس مشغولة بهذين العملين (٢) بحيث لا تنفكّ عنهما وهما الإدراك للمعقولات والالتفات إليها ، والتحريك للبدن إمّا بالقوى الباطنة ، كما في حال التغذية والتنمية والتوليد ، أو بالقوى الظاهرة ، كالإحساس بالمحسوسات الخمسة ، أو بالقوى الباطنة ، كالإحساس بالحس المشترك ، والتخيّل ، والتوهّم ، والحفظ لهما ، ولا شكّ في أنّ أحد الشاغلين يمنع النّفس عن الاستكمال في الفعل الآخر ، إلّا أصحاب النّفوس القويّة كأنفس الأنبياء والأولياء الّتي تكون نفس أحدهم رابطة الجأش (٣) لا يمنعها أحد الشغلين عن الآخر ، بل يحصل لها كمال الإدراك حالة الاشتغال بكمال التحريك ، فإنّ مراتب القوى مختلفة غير منحصرة ، وكلّ من كان قادرا على الاشتغال بهذين الفعلين على الوجه (٤) الأكمل كانت نفسه أشرف ومرتبته أعلى.
المقدّمة الثامنة
في حقيقة الزيادة في العلم
__________________
(١) في «ش» و «ل» : المشتغلة.
(٢) في الأصل : العلمين ، تصحيف.
(٣) رابط الجأش : أي شديد القلب كأنّه يربط نفسه عن الفرار ويكفّها بجرأته وشجاعته.
(٤) في الأصل : الأوجه.